التصاوير 4
سنن النسائي
أخبرنا عيسى بن حماد، قال: حدثنا الليث، قال: حدثني بكير، عن بسر بن سعيد، عن زيد بن خالد، عن أبي طلحة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تدخل الملائكة بيتا فيه صورة» قال بسر: ثم اشتكى زيد، فعدناه، فإذا على بابه ستر فيه صورة، قلت لعبيد الله الخولاني: ألم يخبرنا زيد عن الصورة يوم الأول؟ قال: قال عبيد الله: ألم تسمعه يقول: «إلا رقما في ثوب»
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يَنْهى عن التَّصاويرِ، ويأمُرُ بإزالتِها أو تغييرِ هيئةِ الصُّورةِ
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ عُبيدُ اللهِ بنُ عبدِ اللهِ بنِ عُتبةَ: "أنَّه دخَل على أبي طَلْحةَ الأنصاريِّ يَعودُه"، أي: يَزورُه في مرَضِه، قال عُبيدُ اللهِ: "فوَجَدتُ عِندَه سَهْلَ بنَ حُنيفٍ"، أي: يَجلِسُ عِندَه، "فدَعا أبو طَلْحةَ إنسانًا"، أي: طلَب مِن أحَدِ الحاضِرين، "يَنزِعُ نَمطًا تحتَه"، أي: لِيُزيلَ مِن تحتِه فِراشًا وبِساطًا كان يَجلِسُ عليه، فقال له سهلٌ: "لِمَ تَنزِعُه؟ "، أي: ما سبَبُ نَزعِك له؟ فقال أبو طَلحةَ رَضِي اللهُ عَنه: "لأنَّ فيه تَصاويرَ"، أي: مَنْقوشٌ عليه تصاويرُ الَّتي نَهى عنها النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، "وقد قال فيه النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم ما قد عَلِمتَ"، أي: النَّهيَ الَّذي ذكَرَه فيها وأنَّ الملائكةَ لا تَدخُلُ بيتًا فيه تَصاويرُ، قال سهلٌ: "أو لم يَقُلْ ما كان رَقْمًا في ثوبٍ؟ "، أي: إنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم قيَّد النَّهيَ في التَّصاويرِ بما كان على الثِّيابِ وليس الَّذي يُبسَطُ ويُفرَشُ، فقال أبو طلحةَ:"بلى، ولكنَّه أطيَبُ لنَفْسي"، أي: إنَّه فعَل ذلك مِن بابِ الأَوْلى، ومَزيدَ احتِرازٍ والمرادُ بالصُّورةِ المنهيِّ عنها: النقشُ والرسمُ لكلِّ ما فيه رُوحٌ مِن الحيوانِ والإنسانِ، أمَّا النَّباتاتُ فلا حرَج فيها، وقد نهى النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أن تُصنَعَ تلك التَّصاويرُ بنَقْشِها ورسمِها مُجسَّمةً، أو مصوَّرةً؛ قيل: ولا يدخل في هذا النهي تَصويرُها غيرَ كامِلةِ الملامحِ والأعضاءِ، أو مَطموسةَ المعالمِ أو معَ قطعِ رأسِها
وفي الحديثِ: الحثُّ على أن يَأخُذَ الإنسانُ بالأحوَطِ في أمورِه الشَّرعيَّةِ