الرخصة في ترك القيام 1
سنن النسائي
أخبرنا محمد بن منصور، قال: حدثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن أبي معمر، قال: كنا عند علي فمرت به جنازة فقاموا لها، فقال علي: ما هذا؟ قالوا: أمر أبي موسى، فقال: «إنما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم لجنازة يهودية ولم يعد بعد ذلك»
الموتُ مِن أَمرِ اللهِ سُبحانَه، وهو أَمرٌ عَظيمٌ، ويَنبغي تذَكُّرُه دائمًا، وتذكُّرُ قُدرةِ اللهِ على الإحياءِ والإماتةِ، والجَنائزُ لها حُرمةٌ، وقد بيَّن النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أحكامَها
وفي هذا الحَديثِ يَقولُ أبو مَعمَرٍ عَبدُ اللهِ بنُ سَخْبَرَةَ: "كنَّا عند عَليٍّ فمَرَّتْ به جِنازَةٌ، فقاموا لها"، أي: كانوا جُلوسًا فوقَفوا لِمُرورِها، والجَنازَةُ: اسمٌ للميِّتِ في النَّعْشِ، فقال عليٌّ رَضِي اللهُ عَنه: "ما هذا؟!"، أي: يُنكِرُ على أَصحابِه الَّذين يُجالِسونَه قِيامَهم للجِنازَةِ، فقال أَصحابُه: "أَمْرُ أبي مُوسى"، أي: إنَّ أبا مُوسى الأشعريَّ رَضِي اللهُ عَنه هو الَّذي أمَرَنا بهذا، فقال عليٌّ رَضِي اللهُ عَنه: "إنَّما قام رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم لجِنازَةِ يَهوديَّةٍ، ولَم يَعُدْ بعدَ ذلك"، أي: إنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم كان يَقومُ ويَقِفُ لها في أوَّلِ الأَمرِ، ثمَّ بعدَ ذلك لَم يَقُمْ لها؛ مُشيرًا بذلك إلى نَسْخِ القِيامِ، وقيل: بل لِبَيانِ أنَّ الأَمرَ على الجَوازِ، وأنَّه يُحتمَلُ فيها القيامُ والجُلوسُ