الرخصة في ترك القيام 5
سنن النسائي
أخبرنا إبراهيم بن هارون البلخي، قال: حدثنا حاتم، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، أن الحسن بن علي كان جالسا فمر عليه بجنازة، فقام الناس حتى جاوزت الجنازة، فقال الحسن: «إنما مر بجنازة يهودي وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم على طريقها جالسا، فكره أن تعلو رأسه جنازة يهودي، فقام»
احتِرامُ الرُّوحِ الإنسانيَّةِ الَّتي أودَعَ اللهُ فيها سِرَّ الحياةَ فيه تَعظيمٌ لخالِقِها سبحانَه وتَعالى
في هذا الحديثِ يُخبِرُ محمَّدُ بنُ عليِّ بنِ الحُسينِ: "أنَّ الحسَنَ بنَ علِيٍّ كان جالِسًا، فمُرَّ عليه بجِنازةٍ"، والجِنازةُ اسمٌ للميِّتِ في النَّعشِ، "فقام النَّاسُ حتَّى جاوَزَتِ الجِنازةُ"، أي: وقَف النَّاسُ لِمُرورِ تِلك الجِنازةِ حتَّى بَعُدَت عن أنظارِهم، "فقال الحسَنُ"، وكأنَّه أنكَر عليهم وُقوفَهم لها: "إنَّما مُرَّ بجِنازةِ يَهوديٍّ، وكان رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم على طريقِها جالِسًا فكَرِه أن تَعلُوَ رأسَه جنازةُ يهوديٍّ، فقام"، أي: كَرِه أن تَكونَ جِنازةُ اليهوديِّ عاليةً فوقَ رأسِه الشَّريفِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، فقام تَقذُّرًا لها. وهذا تأويلٌ وقَع في خاطِرِ الحسَنِ رَضِي اللهُ عَنه، ولكنْ مُقتَضى الأحاديثِ أنَّ قِيامَه كان للمَلائكةِ المصاحِبةِ للجِنازةِ، وكذلك لِتَعظيمِ أمْرِ الموتِ، وتَعظيمًا لأمرِ النَّفْسِ والرُّوحِ الَّتي قبَضَتْها الملائكةُ؛ فمَجموعُ تلك الأغراضِ كان سبَبًا لقيامِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم عندَ مُرورِ الجنازةِ
وقد جاء في سُنَنِ النَّسائيِّ، عن ابنِ عبَّاسٍ: أنَّه "قامَ لها ثمَّ قعَد"؛ فقيل: إنَّ هذا يَنسَخُ قِيامَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم لجنازةِ اليهوديِّ، وقيل: إنَّ هذا الأمرَ ليس بنَسْخٍ، ولكنْ هو للدَّلالةِ على أنَّ القِيامَ ليس على الوُجوبِ