الرخصة في ثمن كلب الصيد 1
سنن النسائي
أخبرني إبراهيم بن الحسن المقسمي قال: حدثنا حجاج بن محمد، عن حماد بن سلمة، عن أبي الزبير، عن جابر، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن السنور، والكلب إلا كلب صيد» قال أبو عبد الرحمن: «وحديث حجاج عن حماد بن سلمة ليس هو بصحيح»
حثَّنَا الإسْلامُ على اتِّخاذِ سُبُلِ الرِّزقِ الطيِّبةِ قدْرَ ما نَستطيعُ، والبُعدِ عن كُلِّ سَبيلٍ خَبيثةٍ، وقد بيَّنَ لنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المكاسِبَ الخَبيثةَ والدَّنيئةَ لِتجنُّبِها، وأرشَدَنا إلى المَكاسِبِ الطيِّبةِ الشَّريفةِ لِنَتحرَّاها
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ جابرُ بنُ عبدِ اللهِ رضِيَ اللهُ عنهما: "أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نَهى عن ثَمَنِ السِّنَّوْرِ"، أي: نَهى عن بَيعِ وشِراءِ القِطَطِ، واتِّخاذِ ثمنِها، وقيلَ: النَّهيُ عن بَيعِ السِّنَّوْرِ مُتأوَّلٌ على أنَّه إنَّما نُهيَ عنه مِن أجلِ أحَدِ مَعنَيَينِ: إمَّا لأنَّه كالوَحْشيِّ الَّذي لا يُملَكُ قِيادُه، ولا يَصِحُّ التسليمُ فيه؛ وذلِكَ لأنَّه يطوفُ على الدُّورِ، وهو ليس كالدَّوابِّ التي تُربَطُ، ولا كالطَّيرِ الَّذي يُحبَسُ في الأقفاصِ، وقد يَتوحَّشُ بعدَ الأُنوسةِ ويَتأبَّدُ حتَّى لا يُقرَبَ، ولا يُقدَرَ عليه، فلا يُنتفَعُ به، والمَعْنى الآخَرُ: أنْ يكونَ إنَّما نُهيَ عن بيعِه لِئلَّا يَمنَعَه النَّاسُ فيما بيْنَهم، ولِيَرْتفِقوا به، ولا يَتنازَعوهُ تنازُعَ المُلَّاكِ في الأشياءِ النَّفيسةِ. ونَهى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن ثَمَنِ الكلبِ وعن بَيعِهِ وشِرائِهِ، والكلبُ مَنْهيٌّ عن اقتنائِهِ وتَربيتِهِ إلَّا ما استَثْناهُ الشَّرعُ
ثمَّ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "إلَّا كَلْبَ صَيدٍ"، فاستَثنى بيعَ الكلبِ المُدرَّبِ على الصَّيدِ؛ فإنَّه يُنتفَعُ بثَمَنِهِ، كما يُنتفَعُ بصَيدِهِ
وفي الحَديثِ: مُراعاةُ الشَّرعِ لمَعالي الأمورِ، وحثُّه المُسلِمِ على طلبِها في الكسبِ
وفيه: الحثُّ على تجنُّبِ البُيوعِ الخَبيثةِ ببَيعِ المحرَّماتِ أو المَنْهيِّ عنه