باب إجراء أحكام الناس على الظاهر وسرائرهم إلى الله تعالى 2

بطاقات دعوية

باب إجراء أحكام الناس على الظاهر وسرائرهم إلى الله تعالى 2

وعن أبي عبد الله طارق بن أشيم - رضي الله عنه -، قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، يقول : (( من قال لا إله إلا الله ، وكفر بما يعبد من دون الله ، حرم ماله ودمه ، وحسابه على الله تعالى )) رواه مسلم .

جاء الإسلام بالدعوة إلى توحيد الله وعبادته وحده دون ما سواه، وأمن من دخله وأصبح موحدا، وأوكل أمر القلوب إلى الله العليم بما تخفي الصدور
وفي هذا الحديث يخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من قال وشهد بلسانه أنه «لا إله إلا الله»، أي: لا معبود بحق إلا الله، «وكفر بما يعبد من دون الله»، فيكون بذلك قد تبرأ من كل الأديان سوى الإسلام، «حرم ماله ودمه» على المسلمين، فلا يسلب ماله ولا يسفك دمه، وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال صلى الله عليه وسلم: «إلا بحقه»، أي: فلا يحل قتله إلا إذا ارتكب جريمة أو جناية يستحق عليها القتل بموجب أحكام الإسلام، فيقتل القاتل قصاصا، ويقتل المرتد والزاني المحصن حدا، كما في الصحيحين عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يحل دم امرئ مسلم، يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والمارق من الدين التارك للجماعة». «وحسابه على الله»، أي: لنا الظاهر من الأحكام الواجبة، وما في سرائره وما يخفيه، وحساب باطنه على الله تعالى؛ فإن الله تعالى هو المطلع وحده على ما في القلوب من إيمان وكفر ونفاق، ولم نؤمر بالنقب عن قلوبهم، والتفتيش عن ضمائرهم، والاطلاع على عقائدهم؛ فمن تلفظ بالإيمان وهو غير مخلص فيه، عومل بحسب ظاهره وأجري عليه في الدنيا أحكام المسلمين، وأما في الآخرة فحسابه على الله عز وجل، وهو يجازيهم بما يعلمه من قلوبهم، فإن صدقوا وآمنوا بالقلب نفعهم ذلك في الآخرة، ونجوا من العذاب كما نفعهم في الدنيا، وإلا فلا ينفعهم، بل يكونون منافقين من أهل النار
وقد ورد في الصحيحين عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله»، وفي البخاري من حديث أنس رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: «من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا، وأكل ذبيحتنا؛ فذلك المسلم الذي له ذمة الله وذمة رسوله، فلا تخفروا الله في ذمته»، وهذا يوضح أن شهادة التوحيد يستلزم معها الإتيان بباقي أركان الإسلام، وإلا فإن المنكر لركن من أركانه فهو في حكم المرتد
وفي الحديث: أن الإسلام وقول كلمة التوحيد يعصم دم الإنسان وماله، وكذلك عرضه