باب إذا أحصر المعتمر
بطاقات دعوية
قال ابن عباس رضي الله عنهما:
قد أحصر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فحلق رأسه، وجامع نساءه، ونحر هديه، حتى اعتمر عاما قابلا
الإحصارُ في الحجِّ أو العُمرةِ هو المنْعُ والحبسُ عَنِ المسجدِ الحرامِ بعَدُوٍّ، أو بمرَضٍ، أو غيرِهما، فإذا نوَى المسلمُ أنْ يَحُجَّ أو يَعتمِرَ، ثُمَّ حُبسَ عَن إتمامِ حجِّهِ أو عمْرَتِه؛ فهو مُحصَرٌ.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ ابنُ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قد مُنِعَ عَن أداءِ العُمرةِ الَّتي قدِمَ إليها عامَ الحُدَيْبِيةِ سَنةَ سِتٍّ مِن الهِجْرةِ، حينَ صَدَّه المشرِكون عَن دُخولِ مكَّةَ ذلك العامَ، فلمَّا أُحْصِرَ ومُنِعَ عن عُمرتِه، تَحلَّلَ منها في المَوضعِ الَّذي أُحْصِرَ فيه -وهو الحُدَيْبِيةُ، وهي: قَريةٌ كَبيرةٌ على القُرْبِ مِن مكَّةَ ممَّا يَلي المدينةَ، سُمِّيتْ ببئْرٍ هناكَ، والآنَ هي وادٍ بيْنَه وبيْنَ مكَّةَ (22) كيلومِترًا على طَريقِ جُدَّةَ- تَحلَّلَ مِن عُمرتِه؛ فَنحَرَ هَدْيَه، وهو اسمٌ لِمَا يُهدَى ويُذبَحُ في الحَرَمِ مِنَ الإبِلِ والبَقرِ والغَنمِ والمَعزِ. «وحلَقَ رأْسَه» وهو آخِرُ مَنسَكٍ مِن مَناسكِ العُمرةِ، ويَقْتضي التَّحلُّلَ مِن الإحرامِ، «وجامَعَ نِساءَه» أي: حلَّ له جِماعُهنَّ أو باشَرَ ذلك فِعلًا، وإنَّما ذكَرَ الجِماعَ للتَّأكيدِ على تَحلُّلِه مِن الإحرامِ، ثُم عادَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَاعتمرَ في العامِ المُقبِلِ العامِ السابعِ مِن الهجرةِ، فيما عُرِفَ بعُمرةِ القضاءِ، وتُسمَّى أيضًا عُمرةَ القضيَّةِ، وإنَّما سُمِّيَت بعُمرةِ القَضاءِ والقَضيَّةِ؛ لأنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قاضَى قُريشًا فيها، لا أنَّها وَقَعَتْ قَضاءً عن العُمرةِ التي صُدَّ عنها.