باب إذا أخر الإمام الصلاة عن الوقت
حدثنا مسدد، حدثنا حماد بن زيد، عن أبي عمران يعني الجوني، عن عبد الله بن الصامت، عن أبي ذر، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا أبا ذر كيف أنت إذا كانت عليك أمراء يميتون الصلاة؟ - أو قال: يؤخرون الصلاة؟ - "، قلت: يا رسول الله فما تأمرني، قال: «صل الصلاة لوقتها فإن أدركتها معهم فصلها فإنها لك نافلة»
كان النبي صلى الله عليه وسلم يوصي أصحابه، ويعلمهم من أمور دينهم ما يفوزون به في الآخرة، وكذلك ينصحهم في أمور الدنيا بما يضمن لهم السلامة والنجاة في الحياة الدنيا
وفي هذا الحديث يقول أبو ذر رضي الله عنه: "إن خليلي"، أي: النبي صلى الله عليه وسلم، والخليل هو الصديق الخالص الذي تخللت محبته إلى النفس، "أوصاني"، أي: أمرني وحثني، "أن أسمع وأطيع"، أي: أسمع وأعقل ما يأمر به ولي الأمر، وأمتثل لأمره إذا أمرني بشيء ليس فيه معصية لله عز وجل، "وإن كان عبدا مجدع الأطراف"، أي: وإن كانت صفة ولي الأمر أنه عبد مقطع الأطراف، وهذه صفة لعبد قل أن يشتريه أحد، أي: مهما كانت صفته أو مكانته فأطعه، وفي حديث آخر في صحيح مسلم قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ولو استعمل عليكم عبد يقودكم بكتاب الله، فاسمعوا له وأطيعوا" وهو تفسير لهذا الحديث؛ إذ الطاعة لا تكون فيما لم يخالف أمر الله تعالى
ثم أوصاه النبي صلى الله عليه وسلم بأمر آخر، فقال: "وأن أصلي الصلاة لوقتها"، أي: أصلي كل صلاة من الصلوات الخمس في وقتها الأفضل، وهاذ أمر بالصلاة على وقتها دون تقييد الأمر بالجماعة؛ لأنه أخبره-كما في رواية أخرى- أنه سيدرك أمراء يؤخرون الصلاة عن وقتها، ثم أوضح النبي صلى الله عليه وسلم أهمية الاجتماع مع الناس في المسجد للصلاة، فقال: "فإن أدركت القوم وقد صلوا كنت قد أحرزت صلاتك"، أي: إن وجدتهم صلوا في المسجد فقد حصلت الصلاة عندما صليتها في أول وقتها، واحترزت لها، "وإلا كانت لك نافلة"، أي: إن وجدتهم لم يصلوا، فصليت معهم، كانت لك تلك الصلاة الثانية نافلة. وفي هذا إشارة بأن يذهب للصلاة في المسجد؛ حتى لا يتوهم من أمره بالصلاة على وقتها ترك الجماعة، أو يظن بمن فعل ذلك الشر من إظهار خلاف على الأئمة
وفي الحديث: الحث على السمع والطاعة لولي الأمر؛ لأنه بذلك تجتمع كلمة المسلمين، والخلاف سبب لفساد أحوالهم في دينهم ودنياهم
وفيه: أهمية صلاة الجماعة