باب {إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليهما وعلى الله فليتوكل المؤمنون}
بطاقات دعوية
عن علي رضي الله عنه قال: ما سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - جمع أبويه لأحد غير لسعد بن مالك (وفي رواية: ما سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفدي أحدا غير سعد 7/ 116] , فإني سمعته يقول يوم أحد:
"يا سعد! ارم فداك أبي وأمي".
سَعْدُ بنُ أبي وَقَّاصٍ رَضيَ اللهُ عنه مِن فُرْسانِ الإسْلامِ وشُجْعانِه، وهو أوَّلُ مَن رَمَى بسَهمٍ في سَبيلِ اللهِ، وكان سَعدٌ مِن أخْوالِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وكان صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُقدِّرُه ويَعرِفُ فَضلَه.
وفي هذا الحَديثِ يَحْكي سَعدُ بنُ أبي وَقَّاصٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نَثَلَ له كِنانَتَه يومَ أُحُدٍ، والكِنانةُ: جَعْبةُ السِّهامِ، ونَثَلَ له كِنانَتَه، أيِ: استَخرَجَ سِهامَها فنَثَرَها له؛ لأنَّ سَعدًا رَضيَ اللهُ عنه كان يُجيدُ الرَّميَ، فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «ارْمِ، فِداكَ أبي وأُمِّي»، وهذا حَثٌّ لسَعدٍ على مُباشَرةِ الرَّميِ لأعْداءِ المُشرِكينَ، وهذه اللَّفْظةُ لا يُرادُ بها الفِداءُ على الحَقيقةِ؛ بل هي للتَّعْبيرِ عن حُبٍّ وبِرٍّ، وعَظيمِ مَنزِلةٍ لهذا المُفَدَّى عندَ المُفَدِّي، والنَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حينَ قالَها لسَعْدٍ رَضيَ اللهُ عنه لم يَكُنْ أبَواهُ حَيَّيْنِ.
وقدْ وقَعَتْ غَزْوةُ أُحُدٍ في شوَّالٍ في السَّنةِ الثَّالثةِ منَ الهِجْرةِ، وأُحُدٌ جَبَلٌ مِن جبالِ المَدينةِ، وقدِ استُشْهِدَ في تلك الغَزْوةِ عَدَدٌ كَبيرٌ منَ الصَّحابةِ رِضوانُ اللهِ عليهم، وقد قاتَلَ فيها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ومَن ثبَت معَه مِن الصَّحابةِ بقُوَّةٍ وشَجاعةٍ رغْمَ تَخَلخُلِ الصُّفوفِ بعْدَ مُخالَفةِ أمْرِه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ.
وفي الحَديثِ: مَنقَبةٌ وفَضيلةٌ ظاهرةٌ لسَعدِ بنِ أبي وقَّاصٍ رَضيَ اللهُ عنه.
وفيه: حُسنُ خُلقِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وطِيبُ مُعامَلتِه لأصْحابِه.
وفيه: فَضيلةُ تَعلُّمِ الرَّميِ.
وفيه: مُكافأةُ مَن فعَل خَيرًا بالدُّعاءِ له، والتَّلطُّفِ معَه.