باب إفشاء السلام2
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا إسماعيل بن عياش، عن محمد بن زياد
عن أبي أمامة، قال: أمرنا نبينا - صلى الله عليه وسلم - أن نفشي السلام (3)
الإسلامُ دِينُ المحبَّةِ والتَّآلُفِ والسَّلامِ والأمنِ، وقد أكَّدَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على هذه المعاني بأقوالِه وأفعالِه؛ ومن ذلك نَشْرُه السَّلامَ بين النَّاسِ قولًا وفِعْلًا، وحثُّه على ذلك وأمْرُه به، كما في هذا الحديثِ، حيثُ يقولُ أبو أُمامةَ الباهِليُّ رضِيَ اللهُ عنه: "أمَرَنا نَبيُّنا صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ نُفْشِيَ السَّلامَ"، أي: ننشُرَه بإظهارِه وإشاعتِه، ورَفْعِ الصَّوتِ به بين بعضِنا البعضِ، وقد جُعِلَت تحيَّةُ المُسلمينَ: السَّلامُ عليكم، وقال تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء: 86]، والسَّلامُ أوَّلُ أسبابِ التَّآلُفِ، ومِفتاحُ استجلابِ المودَّةِ؛ ففي إفشائِه تَمكينُ أُلْفةِ المُسلمينَ بَعضِهم لبعضٍ، وإظهارُ شعارِهم، بخِلافِ غيرِهم من سائرِ المِلَلِ، مع ما فيه من رِياضةِ النُّفوسِ، ولُزومِ التَّواضُعِ، وإعظامِ حُرماتِ المُسلمينَ.
وفي الصَّحيحينِ من حديثِ عبدِ اللهِ بنِ عمرٍو رضِيَ اللهُ عنهما: أنَّ رجُلًا سأَلَ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أيُّ الإسلامِ خيرٌ؟ قال: "تُطْعِمُ الطَّعامَ، وتقرَأُ السَّلامَ على مَن عرَفْتَ ومَن لم تَعرِفْ". ويَتضمَّنُ هذا رفعَ التَّقاطُعِ والتَّهاجُرِ والشَّحناءِ، وفَسادِ ذاتِ البَينِ الَّتي هي الحالِقةُ، وأنَّ السَّلامَ يكونُ لوَجْهِ اللهِ تعالى، لا يَتَّبِعُ فيه المُسلِمُ هواهُ، ولا يَخُصُّ به أحبابَه ومعارِفَه فقط.
وفي الحديثِ: الحثُّ على نَشرِ السَّلامِ بين النَّاسِ قولًا وفِعْلًا.