باب حسن المطالبة وأخذ الحق في عفاف 1
سنن ابن ماجه
حدثنا محمد بن خلف العسقلاني ومحمد بن يحيى، قالا: حدثنا ابن أبي مريم، حدثنا يحيى بن أيوب، عن عبيد الله بن أبي جعفر، عن نافع
عن ابن عمر وعائشة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من طلب حقا فليطلبه في عفاف، واف أو غير واف" (2).
لقدْ حَرَصَ الشَّرعُ الحكيمُ على إقامةِ عَلاقاتٍ طَيِّبةٍ بين المُسلمينَ، فيها التَّكافُلُ والتَّرابُطُ والمحبَّةُ والتَّعاونُ، وحَثَّ مَن له حَقٌّ على غيرِه أنْ يطلُبَه برِفْقٍ، وأمَرَ مَن عليه الحقُّ بعدَمِ المُماطَلةِ.
وفي هذا الحديثِ عن ابنِ عُمَرَ وعائشةَ: أنَّ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: "مَن طالَبَ حقًّا" كالدَّينِ ونحوِه، " فلْيطلُبْه في عَفافٍ"؛ عَفافٍ عن الحرامِ وسُوءِ المُطالَبةِ وإطلاقِ اللِّسانِ بما لا يحِلُّ، وهو خِطابٌ لرجُلٍ، كما في روايةِ الطَّبرانيِّ في الأوسطِ، عن ابنِ عُمَرَ رضِيَ اللهُ عنهما: "لزِمَ رجُلٌ رجُلًا بحَقِّه، فألَحَّ عليه، فقال رَسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: مَن طلَبَ فلْيطلُبْ بعَفافٍ".
"وافٍ أو غيرِ وافٍ"، أي: سواءٌ استَوفى حَقَّه أمْ لا، وهذا مِن الأمْرِ بحُسنِ المُطالبَةِ وفي هذا المعنى قد ورَدَ في الصَّحيحِ عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رضِيَ اللهُ عنهما، قال النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "رحِمَ اللهُ رجُلًا سَمْحًا إذا باع، وإذا اشْتَرى، وإذا اقْتَضى".
وفي الحديثِ: الحَثُّ على حُسنِ المُطالبَةِ بالحُقوقِ.
وفيه: بِناءُ المُجتمَعِ المُسلِمِ على المُسامَحةِ وحُسنِ التَّعاونِ بين النَّاسِ مع حِفْظِ الحُقوقِ.