باب التسبيح في الركوع والسجود 1
سنن ابن ماجه
حدثنا عمرو بن رافع البجلي، حدثنا عبد الله بن المبارك، عن موسى بن أيوب الغافقي، قال: سمعت عمي إياس بن عامر، قال:
سمعت عقبة بن عامر الجهني يقول: لما نزلت {فسبح باسم ربك العظيم} [الواقعة: 74] قال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اجعلوها في ركوعكم" فلما نزلت: {سبح اسم ربك الأعلى} [الأعلى: 1] قال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اجعلوها في سجودكم" (2).
عُرِفَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم باجتِهادِه في العِبادةِ وطُولِ صَلاتِه في قيامِ اللَّيلِ، وربَّما كان يَستوي رُكوعُه وسُجودُه مع قراءَتِه في القِيامِ.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ حُذَيفةُ بنُ اليمَانِ رَضِي اللهُ عَنهما: "أنَّه صلَّى مع رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في رمَضانَ"، أي: في قِيامِه، وفي روايةٍ: "صلَّيْتُ مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم ذاتَ ليلةٍ، فافتَتَح البقرةَ، فقُلْتُ: يركَعُ عند المائةِ، ثمَّ مضى، فقُلْتُ: يُصلِّي بها في ركعةٍ، فمضى، فقُلْتُ: يركَعُ بها، ثمَّ افتَتَح النِّساءَ، فقرأَها، ثمَّ افتَتَح آلَ عِمرانَ، فقرَأَها، يقرَأُ مُترسِّلًا، إذا مَرَّ بآيةٍ فيها تسبيحٌ سبَّحَ، وإذا مَرَّ بسؤالٍ سأَلَ، وإذا مَرَّ بتعوُّذٍ تعوَّذَ"، وهذا بَيانٌ لطولِ قِراءتِه صلَّى الله عليه وسلَّم.
قال حُذيفةُ رضِيَ اللهُ عنه: "فرَكَع، فقال في ركوعِه: سُبحانَ ربِّي العظيمِ، مِثْلَما كان قائمًا"، أي: جعَل صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يُسبِّحُ في رُكوعِه بقَدْرِ طُولِ قِيامِه، "ثمَّ جلَس"، أي: بين السَّجدتَيْنِ، "يقولُ: ربِّ، اغفِرْ لي، ربِّ، اغفِرْ لي، مِثْلَما كان قائمًا، ثمَّ سجَد، فقال: سُبحانَ ربِّي الأعلى، مِثْلَما كان قائمًا، "فما صلَّى إلَّا أربعَ ركَعاتٍ"، أي: في تلكَ اللَّيلةِ، "حتَّى جاء بلالٌ إلى الغَداةِ"، أي: يُعلِمُه بصلاةِ الصُّبحِ، وفي هذا إشارةٌ إلى أنَّ الأربعَ ركَعاتٍ قد استَغرقَتْ قِيامَ ليلِه كلِّه؛ لشِدَّةِ طُولِهنَّ .