باب صفة النار3
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا بكر بن عبد الرحمن، حدثنا عيسى بن المختار، عن محمد بن أبي ليلى، عن عطية العوفي
عن أبي سعيد الخدري، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إن الكافر ليعظم حتى إن ضرسه لأعظم من أحد، وفضيلة جسده على ضرسه، كفضيلة جسد أحدكم على ضرسه" (2)
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَستَخدِمُ أُسلوبَ التَّرغيبِ تارَةً، والتَّرهيبِ أخرى، وكان يُحذِّرُ مِن النَّارِ، ويُبيِّنُ شدَّةَ عَذابِها وأهوالِها وفزَعِها حتَّى تَخشَعَ النُّفوسُ، وتَجتَهِدَ للنَّجاةِ مِن جَهنَّمَ مُلتقَى العُصاةِ والكَفرةِ، الَّتي فيها العَذابُ الأَليمُ لِمنْ خالَفَ أمْرَه سُبحانَه وتَعالَى، وتَجنَّبَ هِدايتَه.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن شدة عذاب الكفار في جهنم، ومِن ذلكَ أنَّ جِسمَ مَن يَدخُلُها يَعظُمُ ويَكبُرُ، حتَّى إنَّ «ضِرْسَ الكافرِ -أو نابَ الكافرِ- مثلُ أُحُد»، أي: تكونُ كلُّ واحدةٍ مِن أَسنانِ الكافرِ في جَهنَّمَ مِثلَ جَبَلِ أُحُدٍ في الحجْمِ، والأسنانُ مِن أصغرِ ما في الإنسانِ؛ فكيفَ بأعضائِه مِن اليَدينِ والرِّجلين وغيرهما؟! ويكونُ «غِلَظُ جِلدِه مَسيرةَ ثَلاثِ» ليالٍ؛ فإنَّ اللهَ تَعالى يُعظِّمُ جِسمَ الكافِرِ، وبِقدْرِ ما يُعظِّمُ جسمَه يُعظِّمُ عذابَه وتَزدادُ آلامُه، وكلُّ هذا يَدُلُّ على عِظَمِ خَلْقِ أهلِ النَّارِ يومَ؛ وذلكَ حتَّى يتَحمَّلوا شِدَّةَ عَذابِ النَّارِ، فهَيئتُهم الَّتي كانوا عليها في الدُّنيا لا تَقْوى على تَحمُّلِ العذابِ، فبَدَّل اللهُ خَلْقَهم حتَّى يُذيقَهمُ العَذابَ الأليمَ، وكلُّ هذا مَقدورٌ للهِ تعالَى يَجِبُ الإيمانُ به، نَسألُ اللهَ السَّلامةَ والعافيةَ.