باب إن الله مده أي مد الهلال لرؤيته
بطاقات دعوية
عن أبي البختري قال خرجنا للعمرة فلما نزلنا (1) ببطن نخلة قال تراءينا الهلال فقال بعض القوم هو ابن ثلاث وقال بعض القوم هو ابن ليلتين قال فلقينا ابن عباس فقلنا إنا رأينا الهلال فقال بعض القوم هو ابن ثلاث وقال بعض القوم هو ابن ليلتين (2) فقال أي ليلة رأيتموه قال فقلنا ليلة كذا وكذا فقال ابن عباس إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال إن الله مده (3) للرؤية فهو لليلة رأيتموه. (م 3/ 127
جعَلَ اللهُ الأهِلَّةَ لحِسابِ الشُّهورِ والسِّنينَ؛ فبِرُؤْيةِ الهِلالِ يَبدَأُ شَهرٌ ويَنْتَهي آخَرُ، وعلى تلك الرُّؤْيةِ تَتَحدَّدُ فَرائضُ كَثيرةٌ، كالصِّيامِ، والحَجِّ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ التَّابِعيُّ أبو البَختَريُّ سَعيدُ بنُ فَيروزَ الطَّائيُّ أنَّهم رأَوْا هِلالَ رَمَضانَ ذاتَ مرَّةٍ وهُم في مَوضِعٍ يُقالُ له: ذاتُ عِرْقٍ، وهو المِيقَاتُ المَكانِيُّ لِحُجَّاجِ أهلِ العِراقِ، بيْنَه وبيْنَ مكَّةَ اثْنانِ وأرْبعونَ مِيلًا (100 كيلومترٍ تَقريبًا) منَ الجِهةِ الشَّماليَّةِ الشَّرقيَّةِ. فأرْسَلوا رجُلًا إلى عبدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما يَسألُه عن هِلالِ رَمَضانَ وما يَخُصُّه مِن أحْكامٍ، وخاصَّةً إذا حُجِبَتْ رُؤيَتُه عنِ النَّاسِ، فذكَرَ ابنُ عَبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: «إنَّ اللهَ قدْ أمَدَّهُ لِرُؤيَتِه»، أي: إنَّ اللهَ أطَالَ مُدَّةَ الهِلالِ إلى الرُّؤيةِ حتَّى يَستَطِيعَ النَّاسُ رُؤيَتَه، فإنْ تعذَّرَتْ رُؤيَتُه بعدَ انْتهاءِ يومِ التَّاسعِ والعِشرينَ مِنَ الشَّهْرِ، ولم يَظهَرْ لكم لأيِّ سَببٍ مِنَ الأسْبابِ -كغيَمٍ ونحْوِه- فأتِمُّوا عِدَّةَ أيَّامِ شَهْرِ شَعبانَ ثَلاثينَ يَومًا، وكذلك كلُّ الشُّهورِ القَمريَّةِ الهِجريَّةِ. وهذا لا يختَصُّ بأهْلِ ناحيةٍ على جهةِ الانْفِرادِ، بل هو خِطابٌ لجَميعِ المُسلِمينَ.
وفي الحَديثِ: سؤالُ أهلِ العِلمِ عمَّا أشْكَلَ.
وفيه: الخُروجُ مِنَ الشَّكِّ إلى اليَقِينِ عندَ خَفاءِ الأَهِلَّةِ بإكْمالِ الشَّهرِ ثَلاثينَ يومًا.