باب اجتناب الرأي والقياس2
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا عبد الله بن يزيد، عن سعيد بن أبي أيوب، حدثني أبو هانئ حميد بن هانئ الخولاني، عن أبي عثمان مسلم ابن يسار
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من أفتي بفتيا غير ثبت فإنما إثمه على من أفتاه" (2).
المُفتي مُبلِّغٌ عن اللهِ تعالى وعن رسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ فينبغي ألَّا يُفتِيَ إلَّا بعِلمٍ، ويَتحرَّى الرُّشدَ في فُتْياه، وقد حذَّرَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن التجرُّؤِ على ذلك.
وفي هذا الحديثِ يَروي أبو هُريرةَ رضِيَ اللهُ عنه أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: قال: "مَن أُفتِيَ بفُتْيا غيرِ ثَبَتٍ، فإنَّما إثمُه على مَن أَفْتاه"، والمعنى: مَن استَفتى غَيرَه وطلَبَ منه إيضاحَ أمرٍ مِن أمورِ الدِّينِ، فأجابَه المُفتي بغيرِ عِلمٍ، فإنَّ إثمَ المُستفتِي يقعُ على المُفتِي الذي أعطاهُ جوابًا عن جهلٍ، فيَتحمَّلُ هذا المُفتي إثمَ فَتواهُ بغيرِ عِلمٍ، وإثمَ عَملِ المُستفتِي بجوابِهِ الخاطِئِ. ومَحَلُّ كونِ الإثمِ على المُفتي دونَ المستفتي فيما إذا لم يَتبيَّنِ الحُكمُ الشرعيُّ للمستفي؛ فمتَى ما تبيَّن له وأعْرَض عنه كان مشترِكًا معه في الإثمِ.
وقد ضبَطَ البعضُ الرِّوايةَ "مَن أَفْتى" بالبناءِ للمعلومِ، ومعناه: مَن تَكلَّمَ في شأنِ الدِّينِ للناسِ عن جَهلٍ، ولا يَعرِفُ عِلمًا فيما تَكلَّمَ فيه، كان جزاؤُه أنَّه يأثَمُ ما عَمِلَ المُستفتِي بفَتواه.
وفي الحديثِ: التحذيرُ والنهيُ عنِ الفَتوى بغَيرِ عِلمٍ .