باب ادرأ ما استطعت 1
سنن ابن ماجه
حدثنا أحمد بن عبدة، حدثنا حماد بن زيد، حدثنا يحيى أبو المعلى، عن الحسن العرني، قال:
ذكر عند ابن عباس ما يقطع الصلاة، فذكروا الكلب والحمار والمرأة، فقال: ما تقولون في الجدي؟ إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي يوما، فذهب جدي يمر بين يديه، فبادره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القبلة (1).
أمَرَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم المصلِّي أنْ يأخُذِ لنفْسِه سُترةً؛ حتَّى لا يمرَّ مَن يقطعُ عليه الصَّلاةَ؛ وأمَّا في صلاةِ الجماعةِ فالإمامُ إذا اتَّخَذَ سُترةً لنَفْسِه فهو سُترةٌ للمأمومِينَ،
وفي هذا الحديثِ يقولُ عبدُ اللهِ بنُ عمرٍو رَضِي اللهُ عَنْهما: "هبطنا" أي: كانوا على سَفرٍ ونزَلوا على مكانٍ، "معَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم مِن ثَنِيَّةَ أَذاخِرَ"، وهو: موضعٌ بينَ مكَّةَ والمدينةِ، والثَّنيَّةُ: الطَّريقُ في الجبَلِ، "فحضَرَتِ الصَّلاةُ"، أي: دخَل وقتُها؛ فصَلَّى النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم بالنَّاسِ "إلى جِدارٍ"، أي: حائطٍ، يَكونُ له قِبْلةً وسُترةً لِمَن أرادَ أن يَمُرَّ فلا يَقطَعَ عليه صَلاتَه، والنَّاسُ خَلفَه، "فجَاءَت بَهْمةٌ تَمُرُّ بينَ يدَيهِ"، أي: تُريدُ أن تَمُرَّ مِن أمامِه، والبَهْمةُ: ولَدُ الغنَمِ ذكَرًا كان أو أُنثى، "فما زَال يُدارِئُها"، أي: يَدفَعُها ويمنَعُها، "حتَّى لَصِق بَطنُه بالجِدارِ"، أي: تَقدَّمَ نحوَ الجدارِ حتَّى إنَّه لم يَجعَلْ لها مِساحةً تَعبُرُ مِنها، ومرَّت مِن وَرائِه، وهذا يدلُّ على أنَّ سُترةَ الإمامِ سُترةٌ للمأمومين؛ إذ إنَّها مرَّت أمام المأمومين مِن وراءِ الإمامِ، ولم يضرَّ ذلك.
وفي الحديث: أنَّ على المصلِّي مَنْعَ ما يمرُّ بينَ يَديهِ، سواءٌ أكان إنسانًا أم حيوانًا .