باب ذكر القبر والبلى5
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا عبد الله بن نمير، حدثنا عبيد الله بن عمر، عن نافع
عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا مات أحدكم عرض على مقعده بالغداة والعشي، إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار، يقال: هذا مقعدك حتى تبعث يوم القيامة" (2)
القبُر هو أوَّلُ مَنازلِ الآخِرةِ، فإنْ كان العبدُ صالحًا طائعًا فإنَّه يكونُ القبرُ أوَّلَ منازلِه إلى الجنَّةِ، وإنْ كان غيرَ ذلك كان أوَّلَ مَنازِلِه مِنَ النَّارِ، فهو إمَّا رَوضةٌ مِن رياضِ الجنَّةِ، أو حُفرةٌ مِن حُفَرِ النَّارِ، أعاذَنا اللهُ منها.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ العبدَ إذا ماتَ عُرِضَ عليه مَقْعَدُه في الآخِرةِ بِالصَّباحِ والمساءِ، فإنْ كان مِن أهلِ الجنَّةِ فَيَرى مَقعَدَه ومكانَه الَّذي أُعِدَّ له في الجنَّةِ، وإنْ كان مِن أهلِ النَّارِ رأى مَقعَدَه الَّذي يَنتظِرُه فيها، ويؤكِّدُ تلك المعانيَ كلَّها للمَيتِ الملائِكةُ، فهذا مَقعدُك ومقامُكَ حتَّى يبعثَك اللهُ يومَ القِيامةِ للحِسابِ والعِقابِ، فيكونُ ذلك بُشْرى عاجلةً للمؤمنِ ومِن جملةِ ما يُنعَّمُ به في القبرِ، وغَمًّا وكَمَدًا للكافرِ والمذْنِبِ وهو مِن جملةِ ما يُعذَّبُ به في القبرِ، وفي هذا إثباتٌ لنعيمِ القبرِ وعذابِه.
وقيل: معنَى العَرضِ هنا الإخبارُ بأنَّ هذا موضعُ أعمالِكم والجزاءُ لها عندَ اللهِ تعالَى، وأُريدَ بالغَداةِ والعَشيِّ تذكيرُهم بذلك. وقيل: يجوزُ أن يكونَ هذا العرضُ على الرُّوحِ فقطْ، ويجوزُ أن يكونَ للرُّوحِ والبدنِ معًا.