باب من أتى عرفة قبل الفجر ليلة جمع1

سنن ابن ماجه

باب من أتى عرفة قبل الفجر ليلة جمع1

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وعلي بن محمد، قالا: حدثنا وكيع، حدثنا سفيان، عن بكير بن عطاء، قال:
سمعت عبد الرحمن بن يعمر الديلي قال: شهدت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو واقف بعرفة، وأتاه ناس من أهل نجد، فقالوا: يا رسول الله، كيف الحج؟ قال: "الحج عرفة، فمن جاء قبل صلاة الفجر ليلة جمع فقد تم حجه. أيام منى ثلاثة، فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه، ومن تأخر فلا إثم عليه" ثم أردف رجلا خلفه فجعل ينادي بهن (1)

الوُقوفُ بعَرَفَةَ رُكنٌ مِن أركانِ الحَجِّ؛ ومَن لم يقِفْ بعَرفةَ فلا يَصِحُّ حجُّه، وقدْ بَيَّن النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم مناسكَ الحجِّ لأمَّتِه بيانًا شافيًا.
وفي هذا الحديثِ يَرْوي عبدُ الرَّحمنِ بنُ يَعْمَرَ الدِّيلِيُّ رضِيَ اللهُ عنه: "أنَّ ناسًا مِن أهلِ نَجْدٍ"، ونجدٌ: أرضٌ مِن العربِ ما بينَ الحجازِ والعراقِ، "أتَوْا رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم وهو بعَرَفةَ"، أي: وهو على جبَلِ عرَفةَ، "فسأَلوه" وفي روايةٍ: "كيف الحجُّ؟"، "فأمَر"، أي: النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم "مُناديًا، فنادى: الحجُّ عرَفةُ"، وهذا تَعظيمًا لشأنِ الوقوفِ بعرَفةَ وأنَّه الرُّكنُ الأعظمُ في الحجِّ، "مَن جاء"، أي: إلى عرَفةَ، "ليلةَ جَمْعٍ قبلَ طُلوعِ الفَجرِ"، أي: قبلَ صلاةِ الصُّبحِ في المزدلِفةِ، "فقد أدرَك الحجَّ"، أي: كمَل وصحَّ حجُّه، "أيَّامُ مِنًى ثلاثةٌ"، أي: أيَّامُ التَّشرِيقِ الَّتِي يَرمِي فيها الحاجُّ الجِمَارَ ثلاثةٌ، وهي: الحادِي عَشَرَ، والثَّانِي عَشَرَ، والثَّالِثَ عَشَرَ، ومِنًى: وادٍ قُربَ الحَرَمِ المَكِّيِّ، يَنزِلُه الحُجَّاجُ لِيَرْموا فيه الجِمارَ، "فمَن تعجَّل في يومَيْن"، أي: اسْتَعْجَل في رَمْيِ الجِمارِ لِيَخرُجَ مِن مِنًى، فيكونَ رَمْيُه في اليومَيْن الحادِي عَشَرَ والثَّاني عَشَرَ، "فلا إِثْمَ عليه"، أي: إنَّ في الأمرِ سَعَةً، ولا ذَنبَ عليه، "ومَن تأخَّر"، أي: مَن جعَل رمْيَ الجِمارِ في اليومِ الثَّالِثَ عَشَرَ، وأخَّر خُروجَه مِن مِنًى إلى ذلك اليومِ، "فلا إِثْمَ عليه"، أي: لا ذَنبَ ولا حَرَج عليه في ذلك.
قال محمَّد بنُ بشَّارٍ- راوي الحديثِ-: وزاد يحيى وهو ابنُ سعيدٍ، أي: في رِوايتِه: "وأردَف رجُلًا، فنادَى"، وفي روايةٍ: "ثمَّ أردَف رجلًا خلفَه، فجَعَل يُنادي بذلك"، أي: بما قاله النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ لِيُسمِعَ باقِيَ الحَجِيجِ.