باب الإفراد بالحج3
سنن ابن ماجه
حدثنا هشام بن عمار، حدثنا عبد العزيز الدراوردي وحاتم بن إسماعيل، عن جعفر بن محمد، عن أبيه
عن جابر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أفرد الحج
الحجُّ هوَ أحدُ أَركانِ الإسْلامِ الَّتي أمَرَ اللهُ عزَّ وجلَّ بها عبادَهُ، يَفعَلُها المُستَطيعُ صحيًّا ومادِّيًّا، والنَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حجَّ مرَّةً واحدةً، فنقَلَ عنهُ الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم تَفاصيلَ تلكَ الحَجَّةِ؛ لكيْ نتعلَّمَ كيفيَّةَ الحجِّ الَّتي أمَرَ بهِ اللهُ عزَّ وجلَّ.
وفي هذا الحَديثِ تَحْكي عائشةُ رَضيَ اللهُ عنها أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في حَجَّةِ الوَداعِ «أفردَ الحجَّ» تَعني أنَّه أحرَمَ بالحَجِّ فقطْ منَ الميقاتِ، والمفرِدُ بالحجِّ يَستمِرُّ على إحْرامِه حتَّى يَرميَ جَمرةَ العَقَبةِ، وعندَ ذلك يحلِقُ رأسَه، ويطوفُ بالبيتِ، ويَسْعى إنْ لم يكُنْ سَعى معَ طَوافِ القُدومِ، وليس عليه هَديٌ، هذا هو الإفْرادُ. وهذا إشارةٌ إلى أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لم يكنْ مُتمتِّعًا، وهوَ أنْ يُحرِمَ بالعُمرةِ في أشهُرِ الحجِّ، وبعدَ قَضائِها يَتحلَّلُ ثمَّ يُحرِمُ بالحَجِّ، ولم يَكنِ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قارنًا، والقِرانُ أنْ يُحرِمَ بالعُمرةِ والحَجِّ معًا، وإنْ كانَ أقرَّ تلكَ الصُّورَ الثَّلاثَ مِن إفْرادٍ أو تمتُّعٍ أو قِرانٍ، والصَّحيحُ والأرجَحُ أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حجَّ قارنًا؛ لكَثرةِ الأدلَّةِ على ذلك، ومَن قال بغيرِ ذلك؛ فإنَّه بَنى على ما شاهَدَه منَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وسَمِعَه في إهْلالِه، فمَن سَمِعَه أهلَّ بالحجِّ، ظنَّه أفرَدَ، ومَن سَمِعَه أهَلَّ بالعُمرةِ ظنَّ أنَّه تمتَّعَ، ومَن سَمِعَه أهَلَّ بالحجِّ والعُمرةِ معًا، علِمَ أنَّه قارِنٌ بينَهما بإحْرامٍ واحدٍ، ودخَلَتِ العُمرةُ في أعْمالِ الحجِّ.