باب الانصراف من الصلاة 1
سنن ابن ماجه
حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا أبو الأحوص، عن سماك، عن قبيصة بن هلب
عن أبيه، قال: أمنا النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكان ينصرف عن جانبيه جميعا (1).
الصَّلاةُ عِبادةٌ توقيفيَّةٌ، وقد علَّمَنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كيفيَّتَها وأركانَها، وسُنَنَها وآدابَها، وما يجوزُ فيها وما يُمْنَعُ، وفي هذا الحديثِ يقولُ هُلْبٌ الطَّائيُّ رضِيَ اللهُ عنه: "أمَّنَا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فكان ينصَرِفُ عن جانِبَيْه جميعًا"، أي: كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذا انتهى مِن صلاةِ الجماعةِ كإمامٍ، وأراد أنْ يقومَ بعدَ التَّسليمِ، انصرَفَ عن يَمينِه وشمالِه، وقد ورَدَ الحالانِ عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كُلًّا على حِدَةٍ؛ وكان أكثَرَ ما كان ينصرِفُ عن يَمينِه، وكذلك يَنصرِفُ عنِ اليسارِ، كما في حديثَيْ أنسٍ وابنِ مسعودٍ رضِيَ اللهُ عنهما، ومرجِعُ هذا: أنَّ كلَّ صحابيٍّ يُحدِّثُ بما رأى مِن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ولَرُبَّما رأى أحدُهما مِن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في يومٍ ما لا يراه صاحِبُه؛ لِغِيابِه فيه؛ ففي صحيحِ مُسلمٍ: عن السُّدِّيِّ، قال: سأَلْتُ أنسًا: كيف أنْصَرِفُ إذا صلَّيْتُ؛ عن يميني، أو عن يساري؟ قال: «أمَّا أنا فأكثَرُ ما رأَيْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ينصَرِفُ عن يمينِه»، وفي الصَّحيحَينِ عن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ، قال: «لا يجعَلَنَّ أحدُكم للشَّيطانِ مِن نفْسِه جُزْءًا، لا يرى إلَّا أنَّ حقًّا عليه ألَّا ينصَرِفَ إلَّا عن يمينِه، أكثَرُ ما رأيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ينصَرِفُ عن شمالِه»؛ فرُبَّما كان صلَّى الله عليه وسلَّم يَفعَلُ هذا تارةً وهذا تارةً أخرى، وقد يكونُ الانصرافُ إلى جِهةِ حاجتِه؛ فإذا كانتْ له حاجةٌ جِهةَ اليسارِ انصرَفَ جِهتَها، وإنْ كانتْ حاجتُه جِهةَ اليَمينِ انصرَف إليها.