باب التقصير في السفر1
سنن الترمذى
حدثنا عبد الوهاب بن عبد الحكم الوراق البغدادي قال: حدثنا يحيى بن سليم، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، قال: «سافرت مع النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، وعمر، وعثمان فكانوا يصلون الظهر والعصر ركعتين ركعتين، لا يصلون قبلها ولا بعدها»، وقال عبد الله: «لو كنت مصليا قبلها أو بعدها لأتممتها» وفي الباب عن عمر، وعلي، وابن عباس، وأنس، وعمران بن حصين، وعائشة: «حديث ابن عمر حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث يحيى بن سليم، مثل هذا» وقال محمد بن إسماعيل: وقد روي هذا الحديث، عن عبيد الله بن عمر، عن رجل من آل سراقة، عن عبد الله بن عمر: وقد روي عن عطية العوفي، عن ابن عمر «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتطوع في السفر قبل الصلاة وبعدها » وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقصر في السفر وأبو بكر، وعمر، وعثمان، صدرا من خلافته. «والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم» وقد روي عن عائشة «أنها كانت تتم الصلاة في السفر» والعمل على ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وهو قول الشافعي، وأحمد، وإسحاق، إلا أن الشافعي يقول: التقصير رخصة له في السفر فإن أتم الصلاة أجزأ عنه "
شَريعةُ الإسلامِ شَريعةٌ سَمحةٌ مُيسَّرةٌ على العِبادِ، ومِن مظاهِرِ ذلك: قَصْرُ الصَّلاةِ الرُّباعيَّةِ إلى رَكعتَينِ فقط في السَّفرِ تَيسيرًا على العِبادِ.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ عبدُ اللهِ بنُ عمرَ رضِيَ اللهُ عنهما: "سافرْتُ مع النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وأبي بكرٍ، وعمرَ، وعُثمانَ؛ فكانوا يُصلُّون الظُّهرَ والعَصرَ رَكعتَينِ رَكعتينِ"، أي: يُصلُّون صَلاةَ الفريضةِ الرُّباعيَّة قصْرًا ركعتينِ لكلِّ صَلاةٍ، "لا يُصلُّون قبْلَها ولا بعدَها"، أي: لا يُصلُّون نافلةً قبْلَ الصَّلاةِ ولا بعدَها، وكذلك العشاءِ، مع إتمامِ صَلاةِ المغربِ ثلاثَ ركعاتٍ، والفجرِ ركعتينِ، وهذا لا يمنَعُ من صَلاةِ النَّوافلِ في غيرِ أوقاتِ الفرائضِ.
وذِكْرُه لهؤلاء الصَّحابةِ رضِيَ اللهُ عنهم تأكيدٌ لهذا القصْرِ في السَّفرِ، الَّذي استقَرَّ عليه الخُلفاءُ من بعدِه صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وبَيانٌ لحُسنِ الاتِّباعِ من الصَّحابةِ لسُنَّةِ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ والْتزامِهم لها، في غيرِ زيادةٍ ولا نقْصٍ، وبَيانُ أنَّ على المُؤمنِ أنْ يحذَرَ التَّكلُّفَ في العِبادةِ بإفراطٍ أو تفريطٍ.