باب التكبير في العيدين
حدثنا محمد بن العلاء، وابن أبي زياد، المعنى قريب، قالا: حدثنا زيد يعني ابن حباب، عن عبد الرحمن بن ثوبان، عن أبيه، عن مكحول، قال: أخبرني أبو عائشة، جليس لأبي هريرة، أن سعيد بن العاص، سأل أبا موسى الأشعري، وحذيفة بن اليمان، كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر في الأضحى والفطر؟ فقال أبو موسى: «كان يكبر أربعا تكبيره على الجنائز»، فقال حذيفة: صدق، فقال أبو موسى: «كذلك كنت أكبر في البصرة، حيث كنت عليهم»، وقال أبو عائشة: «وأنا حاضر سعيد بن العاص»
( عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ ) : قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّحْقِيقِ قَالَ ابْنُ مَعِينٍ : هُوَ ضَعِيفٌ وَقَالَ أَحْمَدُ لَمْ يَكُنْ بِالْقَوِيِّ وَأَحَادِيثُهُ مَنَاكِيرُ انْتَهَى . قَالَ الْحَافِظُ شَمْسُ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ الْهَادِي فِي التَّنْقِيحِ : عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ثَوْبَانَ وَثَّقَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ ، وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ وَلَكِنْ أَبُو عَائِشَةَ قَالَ ابْنُ حَزْمٍ فِيهِ : مَجْهُولٌ ، وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ لَا أَعْرِفُهُ . انْتَهَى ( يُكَبِّرُ فِي الْأَضْحَى وَالْفِطْرِ ) : أَيْ فِي صَلَاتِهِمَا ( كَانَ ) النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ ( يُكَبِّرُ ) : أَيْ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ ( أَرْبَعًا ) : أَيْ مُتَوَالِيَةً . وَالْمَعْنَى مَعَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَمَعَ تَكْبِيرَةِ الرُّكُوعِ فِي الثَّانِيَةِ ( تَكْبِيرَهُ ) : أَيْ مِثْلَ عَدَدِ تَكْبِيرِهِ ( عَلَى الْجَنَائِزِ ) : صَلَاةِ الْجَنَائِزِ ( صَدَقَ ) : أَبُو مُوسَى ( حَيْثُ كُنْتُ عَلَيْهِمْ ) : أَيْ أَمِيرًا ( وَأَنَا حَاضِرٌ ) : وَقْتَ هَذِهِ الْمُكَالَمَةِ وَالْحَدِيثُ اسْتَدَلَّ بِهِ الْحَنَفِيَّةُ وَقَالُوا : يُصَلِّي الْإِمَامُ بِالنَّاسِ رَكْعَتَيْنِ يُكَبِّرُ فِي الْأُولَى لِلِافْتِتَاحِ وَثَلَاثًا بَعْدَهَا ثُمَّ يَقْرَأُ الْفَاتِحَةِ وَسُورَةً وَيُكَبِّرُ تَكْبِيرَةً يَرْكَعُ بِهَا ثُمَّ يَبْتَدِي فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ بِالْقِرَاءَةِ ثُمَّ يُكَبِّرُ ثَلَاثًا بَعْدَهَا وَيُكَبِّرُ رَابِعَةً يَرْكَعُ بِهَا ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ وَهُوَ قَوْلُنَا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ
وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ أَبُو دَاوُدَ ثُمَّ الْمُنْذِرِيُّ لَكِنْ فِيهِ كَلَامٌ كَمَا تَقَدَّمَ . وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ : وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ هَذَا قَدْ ضَعَّفَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَالْمَشْهُورُ مِنْ هَذِهِ الْقِصَّةِ أَنَّهُمْ أَسْنَدُوا أَمْرَهُمْ إِلَى ابْنِ مَسْعُودٍ فَأَفْتَاهُ ابْنُ مَسْعُودٍ بِأَرْبَعٍ فِي الْأُولَى قَبْلَ الْقِرَاءَةِ وَأَرْبَعٍ فِي الثَّانِيَةِ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ وَيَرْكَعُ لِرَابِعَةٍ وَلَمْ يُسْنِدْهُ إِلَى النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ ، كَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبَيْعِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ شُيُوخِهِمْ ، وَلَوْ كَانَ عِنْدَ أَبِي مُوسَى فِيهِ عِلْمٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَا كَانَ يَسْأَلُهُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ . وَرُوِيَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ خَمْسٌ فِي الْأُولَى وَأَرْبَعٌ فِي الثَّانِيَةِ ، وَهَذَا يُخَالِفُ الرِّوَايَةَ الْأُولَى عَنْهُ انْتَهَى كَلَامُهُ
قُلْتُ رِوَايَةُ أَبِي إِسْحَاقَ الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا الْبَيْهَقِيُّ أَخْرَجَهَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَلْقَمَةَ وَالْأَسْوَدِ قَالَ : " كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ جَالِسًا وَعِنْدَهُ حُذَيْفَةُ وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ فَسَأَلَهُمْ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ عَنِ التَّكْبِيرِ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ فَقَالَ حُذَيْفَةُ سَلِ الْأَشْعَرِيَّ ، فَقَالَ الْأَشْعَرِيُّ سَلْ عَبْدَ اللَّهِ فَإِنَّهُ أَقْدَمُنَا وَأَعْلَمُنَا ، فَسَأَلَهُ فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ يُكَبِّرُ أَرْبَعًا ثُمَّ يَقْرَأُ ثُمَّ يُكَبِّرُ فَيَرْكَعُ فَيَقُومُ فِي الثَّانِيَةِ فَيَقْرَأُ ثُمَّ يُكَبِّرُ أَرْبَعًا بَعْدَ الْقِرَاءَةِ " وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَلْقَمَةَ وَالْأَسْوَدِ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ " كَانَ يُكَبِّرُ فِي الْعِيدَيْنِ تِسْعًا ؛ أَرْبَعٌ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ ثُمَّ يُكَبِّرُ فَيَرْكَعُ وَفِي الثَّانِيَةِ يَقْرَأُ فَإِذَا فَرَغَ كَبَّرَ أَرْبَعًا ثُمَّ رَكَعَ " وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ : " صَلَّى ابْنُ عَبَّاسٍ يَوْمَ عِيدٍ فَكَبَّرَ تِسْعَ تَكْبِيرَاتٍ ؛ خَمْسًا فِي الْأُولَى وَأَرْبَعًا فِي الْآخِرَةِ وَوَالَى بَيْنَ الْقِرَاءَتَيْنِ " وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ : " شَهِدْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ كَبَّرَ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ بِالْبَصْرَةِ تِسْعَ تَكْبِيرَاتٍ وَوَالَى بَيْنَ الْقِرَاءَتَيْنِ قَالَ وَشَهِدْتُ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ فَعَلَ ذَلِكَ أَيْضًا فَسَأَلْتُ خَالِدًا كَيْفَ كَانَ فِعْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ فَفَسَّرَ لَنَا كَمَا صَنَعَ ابْنُ مَسْعُودٍ فِي حَدِيثِ مَعْمَرٍ وَالثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ سَوَاءً " وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ أَشْعَثَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَنَسٍ : " أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ فِي الْعِيدِ تِسْعًا " فَذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ انْتَهَى
وَأَشْعَثُ هُوَ ابْنُ سَوَّارٍ ضَعِيفٌ . وَهَذِهِ الْآثَارُ كُلُّهَا تُؤَيِّدُ مَذْهَبَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ . وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا خِلَافُ ذَلِكَ ؛ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ : " أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَبَّرَ فِي الْعِيدِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ ؛ سَبْعًا فِي الْأُولَى وَسِتًّا فِي الْآخِرَةِ بِتَكْبِيرَةِ الرُّكُوعِ كُلُّهُنَّ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ " أَخْبَرَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ بِهِ نَحْوَهُ . حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ حَجَّاجٍ وَعَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ . " أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ فِي الْعِيدَيْنِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ تَكْبِيرَةً " حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ : " أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَبَّرَ فِي الْعِيدِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ تَكْبِيرَةً ؛ سَبْعًا فِي الْأُولَى وَخَمْسًا فِي الْآخِرَةِ " انْتَهَى