باب الحائض تنفر قبل أن تودع
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة (ح)
وحدثنا محمد بن رمح، أخبرنا الليث بن سعد، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة وعروة
عن عائشة، قالت: حاضت صفية بنت حيي بعدما أفاضت، قالت عائشة: فذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "أحابستنا هي؟
فقلت: إنها قد أفاضت ثم حاضت بعد ذلك، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فلتنفر" (1)
طَوافُ الإفاضَةِ رُكنٌ مِن أركانِ الحَجِّ، والطَّهارةُ شَرْطٌ لصِحَّةِ الطَّوافِ؛ فإذا حاضتِ المرأةُ قبْلَ أنْ تَطوفَ طوافَ الإفاضةِ، فلا تَنفِرُ حتَّى تَطهُرَ ثمَّ تَطوفَ طوافَ الإفاضةِ، وهذا بخِلافِ طوافِ الوداعِ فإنَّه يَسقُطُ عنها، كما يُبيِّنُه هذا الحَديثُ، وفيه تَروي أمُّ المؤمنِينَ عائِشةُ رَضيَ اللهُ عنها أنَّه لَمَّا حَجُّوا مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حَجَّةَ الوداعِ، طافوا طوافَ الإفاضةِ يومَ النَّحرِ، وهو اليومُ العاشرُ مِن ذي الحجَّةِ، ثمَّ حاضتْ أُمُّ المؤمنينَ صَفيَّةُ بنتُ حُيَيٍّ رَضيَ اللهُ عنها بعدَ أداءِ طَوافِ الإفاضةِ، فأرادَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ منها ما يُريدُ الرَّجُلُ مِن أهلِه، وهذا كِنايةٌ عن إرادةِ الجِماعِ، وذلك بعْدَ أنِ استَأذَنَتْ نِساؤُه في طَوافِ الإفاضةِ، وأذِنَ لهنَّ، فظَنَّ أنَّها قدْ طافتْ معهنَّ وحَلَّت التحلُّلَ الثَّاني الذي يُباحُ بعْدَه أنْ يَأتيَ الرجُلُ أهْلَه، فلمَّا قِيل له: إنَّها حائضٌ، ظنَّ أنْ يكونَ قد حاضَتْ قَبلَ ذلك حتَّى مَنعَها مِن طَوافِ الإفاضةِ، فاستَفْهَم النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن ذلك قائلًا: أحَابِسَتُنا هي؟ يَعنِي: هل نَضطرُّ إلى المُكثِ حتَّى تَطهُرَ وتَطوفَ طَوافَ الإفاضةِ؟ فقيل له: إنَّ صَفيَّةَ طافتْ طَوافَ الإفاضَةِ، أو أَعْلَمَتْه عائشةُ رَضيَ اللهُ عنها أنَّها طافتْ معهنَّ، فلمَّا عَلِمَ ذلك زالَ عنه ما خَشِيَه مِن المُكْثِ حتى تَطهُرَ صَفيَّةُ لتَأتِيَ بطَوافِ الإفاضَةِ، وأَذِنَ لهم في الرَّحيلِ، ورَخَّصَ لأمِّ المؤمنينَ صَفيَّةَ رَضيَ اللهُ عنها في تَرْكِ طَوافِ الوَداعِ.