باب الصدقة قبل الرد 1
بطاقات دعوية
عن حارثة بن وهب [الخزاعي 2/ 116] قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول:
"تصدقوا؛ فإنه يأتي عليكم زمان يمشي الرجل بصدقته فلا يجد من يقبلها، يقول الرجل: لو جئت بها بالأمس لقبلتها، فأما اليوم فلا حاجة لي بها".
كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يحُثُّ أصحابَه على المُسارَعةِ إلى الخَيراتِ، ومِن ذلك المُسارَعةُ بإخراجِ الزَّكاةِ والصَّدَقاتِ إلى مُستحِقِّيها.
وفي هذا الحَديثِ يأمُرُنا النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أن نُبادرَ بإخراجِ الزَّكاةِ والصَّدقةِ، قبْلَ أنْ يأتيَ علينا زمانٌ يَكثُرُ فيه المالُ، ويكونُ ذلك قُرْبَ قِيامِ السَّاعةِ كما في الصَّحيحَينِ مِن حَديثِ أبي هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه، وهو مِن علاماتِها الصُّغرى، وقيل: هو زمانُ المَهْديِّ ونُزولِ عيسى عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ، حتَّى إنَّه يمشي الرَّجُلُ الغنيُّ بصَدَقتِه وزَكاةِ مالِه، يبحَثُ عن فقيرٍ يُعطيها له فلا يَجِدُه، فيقولُ الرَّجُلُ الَّذي تُقَدَّمُ له الزَّكاةُ: لو جِئتَ بها بالأمسِ لقَبِلْتُها منك، أمَّا اليَومَ فلا حاجةَ لي فيها، فأَعتذِرُ إليك عن قَبولِ زَكاتِك؛ لأنَّه صارَ غنيًّا ومعه مالٌ، وقيل: يَصيرُ الناسُ راغِبينَ في الآخِرةِ، تارِكينَ لِلدُّنيا، ويَقنَعون بِقُوتِ يَومٍ، ولا يَدَّخِرون المالَ.
وقيل: إنَّ هذا الحديثَ خرَج مخرَجَ التَّهديدِ على تأخيرِ الصَّدقةِ، وهذا التَّهديدُ مَصروفٌ لِمَن أخَّرَها عن مُستحِقِّها وماطَلَه بها حتَّى استَغْنَى ذلك الفَقيرُ المستحِقُّ؛ فغِنَى الفَقيرِ لا يُخلِّصُ ذِمَّةَ الغنيِّ المُماطِلِ في وَقتِ الحاجةِ.
وفي الحديثِ: التَّحذيرُ مِن التَّسويفِ في إخراجِ الزَّكاة؛ لأنَّه قد يكونُ التَّأخيرُ سببًا في عدَمِ وُجودِ مَن يَقْبَلُها.
وفيه: عَلامةٌ مِن عَلاماتِ نُبوَّتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.