باب الصلاة في الجبة الشامية
بطاقات دعوية
عن مغِيرة بن شُعبة قالَ: كنتُ معَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -[ذات ليلة ] في سفرٍ، (وفي طريقٍ: لا أعلم إلا قال في غزوة تبوك )، [فقال "أمعك ماءٌ؟ ". قلت: نعم، فنزَل عن راحلتِه]، فقالَ: "يا مُغيرةُ خذ الإداوة"، فأخذتها، فانطلق رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حتى تَوَارَى عنِّي [في سواد الليل]، فقضَى حاجتَه، [ثم أقبل، فلَقِيتُه بماءٍ ]، وعليهِ جُبَّةٌ شاميَّةٌ [من صوفٍ]، فذهبَ لِيُخرجَ يدَه من كُمِّها؛ فضاقت؛ [فلم يستطعْ أن يُخرجَ ذراعَيْه منها]، فأخرَجَ يدَه من أسفلِها، فصَبَبتُ عليهِ [الإداوة] [حين قضى حاجتَهُ ]، فتوضَّأَ وُضوءَه لِلصَّلاةِ، [فمضمضَ، واستنشقَ، وغسلَ وَجهَهُ] [وَيدَيْهِ] (وفي روايةٍ: ذراعيْه)، [ثم مسَح برأسهِ]، [ثم أهْويْتُ لأَنزع خُفَّيْهِ، فقالَ: "دَعْهما، فإني أدخلتُهما طاهرَتَيْن"]، ومسَحَ على خُفَّيْه، ثم صلَّى.
كان المُغيرةُ رَضيَ اللهُ عنه مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في سَفَرٍ في غَزْوةٍ مِن غَزَواتِه،
وهي غَزْوةُ تَبوكَ، وكانت في السَّنةِ التَّاسِعةِ مِن الهِجْرةِ، فأمَرَه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أن يأخُذَ «الإداوةَ»، وهي وِعاءٌ صَغيرٌ يوضَعُ فيه الماءُ لِلوُضوءِ ونحوِه، فأخَذَها المُغيرةُ رَضيَ اللهُ عنه، وانطَلَقَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حتَّى ابتَعَدَ عن المُغيرةِ واختَفَى عن عَينِه، فقَضَى حاجَتَه مِن بَولٍ أو غائطٍ، وكانت عليه جُبَّةٌ مَنْسوجةٌ في بِلادِ الشَّامِ، فحاوَلَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يُخرِجَ يَدَه مِن كُمِّها فلَمْ يَستَطِعْ ذلك؛ لشِدَّةٍ ضِيقِه، فأَخرَج يَدَه مِن تَحتِ الجُبَّةِ؛ ليَتمكَّنَ مِن غسلِها وغسلِ ذِراعَيهِ في الوُضوءِ، وأَلْقى الجُبَّةَ على مَنْكِبَيهِ، وهو: مُجتَمَعُ أوَّلِ الذِّراعِ مع الكَتِفِ، فصَبَّ المُغيرةُ عليه فتَوضَّأَ الوُضوءَ الشَّرعيَّ الَّذي يَفعَلُه لِلصَّلاةِ، ومَسَحَ على خُفَّيْه، وهو: حِذاءٌ مِن جِلدٍ يَستُرُ القدَمَ، وغالبًا ما يُستَدفَأُ به، ومسَحَ على الخُفِّ؛ لأنَّه كان قد أدخَل رِجْلَه على طهارةٍ، فأخَذ برُخصةِ المسْحِ على الخُفِّ دُونَ نَزعِه، ثُمَّ صلَّى النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.وقد بيَّنَتِ السُّنَّةُ أنَّ المسحَ على الخُفِّ يَكونُ مدَّةَ يومٍ ولَيْلةٍ للمُقيمِ، وثلاثةِ أيَّامٍ ولَيالِيها للمُسافرِ.
وفي الحديثِ: الصَّلاةُ في الثِّيابِ الَّتي يَنسِجُها المشركون؛ فإنَّ بلادَ الشَّامِ كان بها النَّصارَى.
وفيه: مشروعيَّةُ المسْحِ على الخُفَّينِ.