باب العمرى 1
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا عمرى، فمن أعمر شيئا، فهو له" (1).
العُمرَى والرُّقْبى نَوعٌ من أنواعِ الهِبَةِ، كان أهلُ الجاهلِيَّةِ يَتعامَلون به، فإذا ماتَ المُهدَى إليه، تعودُ الهديةُ لصاحِبِها، فجاءَ الإسلامُ فأمْضاها كهِبَةٍ صَحيحةٍ تكونُ له في حَياتِه ولوَرَثتِه بعدَ وفاتِه.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "لا عُمْرى، ولا رُقْبى"، أي: لا يَنبغي فِعلُهما على صُورةِ أهلِ الجاهلِيَّةِ، والعُمْرَى هي قولُ المرءِ لغيرِه: أَعمَرْتُك هذه الدَّارَ مثلًا، أو جَعلتُها لك طيلةَ عُمُرِك أو حياتَك، أو ما عِشتَ أو حَييتَ أو بَقيتَ، أو ما يُفيدُ هذا المعنى، والرُّقْبَى أنْ يقولَ: جَعَلتُ لكَ هذه الدارَ، فإنْ مُتُّ قبلَك فهي لكَ، وإنْ مُتَّ قبلي عادتْ إليَّ، فكلُّ واحِدٍ يَرقُبُ موتَ صاحِبِه، قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "فمَن أُعمِرَ شيئًا، أو أُرقِبَه، فهو له في حَياتِه ومَماتِه"، فلا رُجوعَ للواهِبِ فيهما، فإنْ كانت عَزيزةً عليه فلْيُمْسِكْها، ولا يُعمِرْها، فإنْ أَعمَرَها فلْيَقطَعْ أمَلَه فيها، لتكونَ هِبَةً خالِصَةً، كصَدَقةٍ خالِصَةٍ، يُؤجَرُ عليها في الدُّنيا والآخِرَةِ، وتكونَ لِوَرَثةِ مَن أُعطِيَتْ له، دُون تردُّدٍ أو جَهالةٍ كما كان في الجاهلِيَّةِ.
وفي الحديثِ: هَدمُ تُراثِ الجاهلِيَّةِ، وأفعالِها، ومُعاملاتِها الَّتي تَشتمِلُ على الضَّرَرِ( ).