باب النهي عن الأكل من ذروة الثريد2
حدثنا هشام بن عمار، حدثنا أبو حفص عمر بن الدرفس، حدثني عبد الرحمن بن أبي قسيمة عن واثلة بن الأسقع الليثي، قال: أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برأس الثريد، فقال: "كلوا باسم الله من حواليها واعفوا رأسها، فإن البركة تأتيها من فوقها" (1)
عَلَّمَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أُمَّتَه كلَّ شَيءٍ، ومِن ذلك آدابُ الاجْتِماعِ على الطَّعامِ. كما يُخبرُ واثِلةُ بْنُ الأسْقَعِ اللَّيثِيُّ رضِيَ اللهُ عنه في هذا الحَديثِ، فيقولُ: «أخَذَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بِرأسِ الثَّريدِ»، أي: بأعْلى الطَّعامِ، والثَّريدُ: هو الخُبزُ مع المَرَقِ واللَّحْمِ، «فقال:كُلوا بِسمِ اللهِ مِن حَوالَيها»، أي: مِن جَوانِبها وأحْرُفِها، وليأكُلْ كُلُّ واحِدٍ ممَّا يَليه، «واعْفوا رَأسَها»، أي: ولا تَتعَجَّلوا إلى وَسَطِها وأعْلاها؛ «فإنَّ البَرَكةَ تَأتيها مِن فَوقِها»؛ لأنَّ كُلَّ ما أُخِذَ من الطَّرْفِ يَجيءُ مِن الأعْلى بَدَلَه، فإذا أُخِذَ من الأعلى انْقَطعَ المَددُ. وقيل: لعلَّ السِّرَّ فيه أنَّ الأعْلى قَدْرٌ مُشتَركٌ بين الآكِلين، والأخْذُ من الجَوانبِ فيه أدَبٌ وقَناعةٌ وبُعدٌ عَنِ الشَّرَه والحِرصِ. ولَيسَ المُراد تَرْكَ الأكْلِ من الأعلى والوَسطِ نِهائيًّا، بَل إنَّه يَبدَأ بالأكْل من حَوالَيها حتى يَنتَهي ما فيها.
وفي الحديثِ: بيانُ بعضِ آدابِ الاجتِماعِ على الطَّعامِ .