باب الفتن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم15
سنن الترمذى
حدثنا موسى بن عبد الرحمن الكندي الكوفي قال: حدثنا زيد بن حباب قال: أخبرني موسى بن عبيدة قال: حدثني عبد الله بن دينار، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا مشت أمتي بالمطيطياء وخدمها أبناء الملوك أبناء فارس والروم سلط شرارها على خيارها»: هذا حديث غريب وقد رواه أبو معاوية، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، حدثنا بذلك محمد بن إسماعيل الواسطي قال: حدثنا أبو معاوية، عن يحيى بن سعيد، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، نحوه ولا يعرف لحديث أبي معاوية، عن يحيى بن سعيد، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر أصل، إنما المعروف حديث موسى بن عبيدة، وقد روى مالك بن أنس هذا الحديث، عن يحيى بن سعيد، مرسلا ولم يذكر فيه عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر
حذَّرَنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن الدُّنيا، وكان أكثرُ ما يَخافُ على أمَّتِه مِن بعدِه أنْ تُفتَحَ الدُّنيا علَيهم، فيُنافِسون بعضَهم عليها، ويَترُكون الآخِرةَ وراءَ ظُهورِهم.
وفي هذا الحديثِ يقولُ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "إذا مشَتْ أمَّتي المُطَيطاءَ"، مِن التَّمطِّي، أي: مِشيَةً فيها تَبختُرٌ، وتكبُّرٌ، ومدٌّ لليَدَينِ، وإعجابٌ بالنَّفسِ، وهذا كنوعٍ مِن الفسادِ الذي يَظهَرُ بالأُمَّةِ مُقابِلَ ما فَتَحَ به اللهُ عليهم مِن النِّعَمِ، "وخَدَمَها"، أي: قام بخِدمَتِها وتحتَ أمرِها، "أبناءُ المُلوكِ أبناءُ فارِسَ" وذلك بعدَ فتحِ بلادِهم وسَبْيِ أولادِهم، "والرُّومِ"، أي: وأبناءُ الرُّومِ أيضًا، وغيرُهم مِن أبناءِ الملوكِ، "سُلِّطَ"، أي: سَلَّطَ اللهُ عزَّ وجلَّ أو أمَر أنْ يُسلَّطَ "شِرارُها"، أي: شِرارُ الأُمَّةِ مِن الظَّلَمَةِ والفسَقةِ، على "خِيارِها"، أي: على خِيارِ الأُمَّةِ مِن الصَّالِحينَ المتَّقينَ، والمُرادُ: جَعَلَ اللهُ حُكمَ الأُمَّةِ بأيدي الظالمين، فيَظلِمونَ الصالِحينَ ويُؤذونَهم، نتيجةً للفَسادِ الذي حلَّ بهم.
وفي الحديثِ: بيانٌ لِمُعجِزاتِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ودلائلِ نُبوَّتِه.
وفيه: ذمُّ التَّبختُرِ والكِبْرِ والإعجابِ بالنَّفسِ.
وفيه: التَّحذيرُ مِن الدُّنيا.
وفيه: الأخذُ على يَدِ الفاسِدينَ حتى لا يَعُمَّهم عذابُ اللهِ عزَّ وجلَّ .