باب: ومن سورة آل عمران12
سنن الترمذى
حدثنا يوسف بن حماد قال: حدثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى، عن سعيد، عن قتادة، عن أنس، أن أبا طلحة، قال: «غشينا ونحن في مصافنا يوم أحد»، حدث أنه كان فيمن غشيه النعاس يومئذ قال: «فجعل سيفي يسقط من يدي وآخذه، ويسقط من يدي وآخذه، والطائفة الأخرى المنافقون ليس لهم هم إلا أنفسهم، أجبن قوم وأرعبه وأخذله للحق». هذا حديث حسن صحيح
مِن مَعالمِ الإيمانِ الاستِغفارُ والتوبةُ والنَّدمُ والإقْلاعُ عنِ الذَّنبِ، والعَزمُ على عدم العودةِ إليه، وفي ذلك يُخبِرُ عليُّ بنُ أبي طالبٍ رضيَ اللهُ عنه أنَّه كانَ إذا سمِعَ حديثًا مِن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم نفَعه اللهُ بهِ ما شاءَ أن ينفَعَه، وإذا ما أخذَ الحديثَ عن أحدٍ مِن أصْحابِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، عَن النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم استَحْلفَه عَليه، أي جَعلَه يُقسِمُ أنَّ الحديثَ الذي يُحدِّث بهِ أنَّه سمِعَه مِن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، فإذا حلَفَ له صدَّقه، وهذا مِن بابِ زِيادةِ التوثُّقِ والتأكُّد وليسَ مِن باب التَّكذيبِ للصَّحابةِ، وقدْ حدَّثه أبو بكرٍ رضيَ الله عَنه حديثًا دُونَ حلِفٍ.
يقولُ عليٌّ في تَحديثِ أَبي بكرٍ له: وصدَقَ أبو بَكرٍ رضيَ الله عَنه، أي: في تَحديثِه له دُونَ حلِفٍ، وهذِه مَنقبةٌ لأَبي بَكرٍ رضِيَ اللهُ عنه، يقولُ أبو بكر في حديثِه الذي حدَّثه بهِ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: ما مِن عَبدٍ يُذنِبُ ذَنبًا، أي: يرتَكِبُ ذنبًا صغيرًا كانَ أو كبيرًا، فيُحسن الطُّهورَ، أي: فيُحسنُ الوُضوءَ، ثم يقومُ فيصلِّي رَكعتَينِ، أي: تكونُ الرَّكعتانِ بِنيَّةِ التوبةِ عن ذَنبهِ هذا، ثم يَستغفِرُ اللهَ، أي: لذلكَ الذنبِ، إلَّا غَفر اللهُ له، أي: إلَّا كانَ حقًّا على اللهِ أنْ يغفِرَ ذنبَه هذا الذي مِن أجلِه تطهَّرَ ثم قامَ فصلَّى ثم استغْفرَ الله مِنه. ثم قرأَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم قولَه تَعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران: 135].
وفي الحديث: استحلافُ المُخبِرِ بشيءٍ؛ لزيادة التوثُّق.
وفيه: تَعظيمُ عليٍّ لأبي بَكرٍ الصِّدِّيقِ رضِيَ اللهُ عنهما.