‌‌باب ما جاء في إعلان النكاح1

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء في إعلان النكاح1

حدثنا أحمد بن منيع قال: حدثنا هشيم قال: أخبرنا أبو بلج، عن محمد بن حاطب الجمحي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فصل ما بين الحرام والحلال، الدف والصوت» وفي الباب عن عائشة، وجابر، والربيع بنت معوذ.: حديث محمد بن حاطب حديث حسن، " وأبو بلج: اسمه يحيى بن أبي سليم، ويقال: ابن سليم أيضا، ومحمد بن حاطب قد رأى النبي صلى الله عليه وسلم وهو غلام صغير "
‌‌

نظَّمَ الشَّرعُ الحكيمُ أُمورَ الزَّواجِ الشَّرعيِّ، وحثَّنَا النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على كلِّ خيرٍ وفَضيلةٍ وأمَرَنا بنَشرِ المَكارِمِ، ومِن ذلك إعلانُ وإشهارُ النِّكاحِ الشَّرعيِّ.
وفي هذا الحديثِ تقولُ عائشةُ رضِي اللهُ عنها: قال النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "أعْلِنوا هذا النِّكاحَ"، أي: أشهِرُوا هذا الزَّواجَ بينَ النَّاسِ، "واضْرِبوا عليه بالغِربالِ"، أي: بالدُّفِّ، وعندَ ابنِ ماجَه، من حديثِ محمَّدِ بنِ حاطِبٍ، قال: قال رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "فَصْلُ ما بينَ الحَلالِ والحَرامِ الدُّفُّ والصَّوتُ في النِّكاحِ"؛ لكي يَتميَّزَ النِّكاحُ الشَّرعيُّ الصَّحيحُ الَّذي جاء به الشَّرعُ عن السِّفاحِ فلا بُدَّ مِن الإعلانِ والإشهارِ؛ لأنَّ الزِّنا هو نِكاحُ السِّرِّ، أمَّا الزَّواجُ فهو النِّكاحُ المُعلَنُ والمُظْهَرُ.
ولكنْ إذا انعقَدَ النِّكاحُ بحُضورِ وَلِيِّ المرأةِ مع شاهِدَيْ عَدْلٍ، مع توفُّرِ أركانِ العقْدِ الأُخرى مِن صَداقٍ وصِيغَةٍ، فهو نِكاحٌ صَحيحٌ على كلِّ حالٍ، ولا يُعْتَبَرُ هذا إشهارًا للنِّكاحِ؛ لأنَّ المقصودَ بالإشهارِ: الضَّربُ بالدُّفِّ، والغِناءُ المُباحُ، وإظهارُه بينَ النَّاسِ.
وفي الحديثِ: الحثُّ على إعلانِ النِّكاحِ الشَّرعيِّ للتَّفريقِ بينَه وبينَ نِكاحِ السِّفاحِ المَشكوكِ في صِحَّتِه.
وفيه: اهتمامُ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بحِفْظِ أعراضِ النَّاسِ وحُقوقِ الذُّرِّيَّةِ النَّاتجةِ عن النِّكاحِ المُعلَنِ، مع حِفْظِ حَقِّ المُجتَمعِ في نَشْرِ الفَضيلةِ