باب فضل أبي بن كعب رضي الله عنه
سنن الترمذى
حدثنا محمود بن غيلان قال: حدثنا أبو داود قال: أخبرنا شعبة، عن عاصم، قال: سمعت زر بن حبيش، يحدث عن أبي بن كعب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: «إن الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن»، فقرأ عليه {لم يكن الذين كفروا} [البينة: 1] وقرأ فيها: «إن ذات الدين عند الله الحنيفية المسلمة لا اليهودية ولا النصرانية ولا المجوسية، من يعمل خيرا فلن يكفره» وقرأ عليه: «لو أن لابن آدم واديا من مال لابتغى إليه ثانيا، ولو كان له ثانيا، لابتغى إليه ثالثا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب»: «هذا حديث حسن صحيح وقد روي من غير هذا الوجه» رواه عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه، عن أبي بن كعب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: «إن الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن» وقد رواه قتادة، عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بن كعب: «إن الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن»
وقولُه: فكان ممَّا قرَأ في السُّورةِ: "إنَّ ذاتَ الدِّينِ عندَ اللهِ الحَنِيفيَّةُ المسلِمةُ... إلخ"، وقولُه: "ولو أنَّ لابنِ آدَمَ واديًا مِن مالٍ... إلخ"؛ ورَد عن ابنِ عبَّاسٍ أنَّ عُمرَ بنَ الخطَّابِ "سأَل أُبيًّا عنها، فقال: هكذا أقرَأَنيها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، قال عُمرُ: أفأُثبِتُها في المصحَفِ؟ قال: نعَم"، إلَّا أنَّه قد ورَد عن ابنِ عبَّاسٍ في روايةٍ أخرى ما يَدُلُّ على تَشكُّكِ أُبيٍّ في أنَّها آيةٌ، فلمَّا قال له عُمرُ: "قال: أنَكتُبُها؟ قال: لا أنهاك"، فكأنَّ أُبيًّا شكَّ هل هي حَديثٌ أم قرآنٌ، وهذا يَحتَمِلُ أن يَكونَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أخبَر به عن اللهِ تعالى على أنَّه مِن القرآنِ، ويَحتمِلُ أن يَكونَ مِن الأحاديثِ القُدسيَّةِ, وعلى احتِمالِ أنَّه مِن القرآنِ، فيكون ممَّا نُسِخَت تِلاوتُه جَزمًا، وإنْ كان حُكمُه مُستمِرًّا .