‌‌باب ما جاء في الطواف راكبا

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء في الطواف راكبا

حدثنا بشر بن هلال الصواف قال: حدثنا عبد الوارث بن سعيد، وعبد الوهاب الثقفي، عن خالد الحذاء، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: «طاف النبي صلى الله عليه وسلم على راحلته فإذا انتهى إلى الركن أشار إليه» وفي الباب عن جابر، وأبي الطفيل، وأم سلمة.: «حديث ابن عباس حديث حسن صحيح»، «وقد كره قوم من أهل العلم أن يطوف الرجل بالبيت وبين الصفا والمروة راكبا إلا من عذر، وهو قول الشافعي»
‌‌

الحَجَرُ الأسوَدُ حَجَرٌ كرِيمٌ، أنزَلَه اللهُ سُبحانه وتعالَى مِنَ الجنَّةِ، فكان يُقبِّلُه النبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم. واتِّباعًا لهَدْيِه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم نُقبِّلُه ونَستلِمُه ونُشيرُ إليه، وإنْ كان حَجَرًا لا يَضُرُّ ولا يَنفَعُ.
وفي هذا الحديثِ يَروي عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهُما أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ طافَ بالكَعبةِ وهو في حَجَّةِ الوَداعِ، كما في الصَّحيحَيْنِ، راكِبًا بَعيرَه، وهو الجَملُ الذي يُتَّخَذُ لِلسَّفَرِ.
وكُلَّما أتَى الرُّكنَ الأسودَ وحاذاه أشارَ إليه، وقد جاء في رِوايةٍ في الصَّحيحَيْنِ أنَّه كان بيَدِه مِحجَنُه -وهي عَصًا مَحنِيَّةُ الرَّأسِ- فكان يُشيرُ بالمِحْجَنِ ثم يُقبِّلُ المِحجَنَ، مُكتَفيًا بذلك عنِ استِلامِ الحَجَرِ ومَسحِه.
وكان رُكوبُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في تلك الحَجَّةِ مِن أجْلِ المَرَضِ، وقيلَ: كَراهِيةَ أنْ يُضرِبَ النَّاسُ عنِ الحَجرِ، يَعني أنَّه لو طافَ ماشيًا لانصرَفَ النَّاسُ عنِ الحَجَرِ كُلَّما مرَّ عليه رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ تَوقيرًا له أنْ يُزاحَمَ، وقيلَ: فعَلَ ذلك؛ ليَسمَعَ النَّاسُ كلامَه، ويَرَوْا مَكانَه، وليَقتَدوا به.
وفي الحديثِ: أنَّه إذا عَجَزَ عن تَقبيلِ الحَجَرِ استَلَمَه بيَدِه أو بعَصًا ونَحوِها.
وفيه: بَيانُ يُسرِ الإسلامِ في العِباداتِ وفي الطَّوافِ حَولَ البَيتِ راكبًا، لمَن لا يَستطيعُ ذلك ماشيًا.