باب ما جاء في السعي بين الصفا والمروة2
سنن الترمذى
حدثنا يوسف بن عيسى قال: حدثنا ابن فضيل، عن عطاء بن السائب، عن كثير بن جمهان، قال: رأيت ابن عمر يمشي في السعي، فقلت له: أتمشي في السعي بين الصفا والمروة؟ قال: «لئن سعيت، لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسعى، ولئن مشيت، لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي»، وأنا شيخ كبير: «هذا حديث حسن صحيح» وروي عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر نحوه
كان عبدُ اللهِ بنُ عُمرَ رضِيَ اللهُ عنهما يَحرِصُ كلَّ الحِرصِ على أن يتَّبِعَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في كلِّ شيءٍ، وفي هذا الحديثِ يقولُ كثيرُ بنُ جَهْمانَ: "رأَيْتُ ابنَ عُمَرَ يمشي في المسعى"، أي: يمشي في الموضعِ الَّذي يكونُ فيه إسراعٌ، وهو بطنُ الوادي بين العَلَمينِ الأخضَرينِ، فقلتُ له: "أتمشي في السَّعيِ بين الصَّفا والمَرْوةِ؟"، أي: يتعجَّبُ له أنَّه لا يَسعى مِثلَ النَّاسِ، والسَّعيُ هو المشيُ السَّريعُ قليلًا، أو الجريُ الخفيفُ، والهَرْولةُ، فقال له ابنُ عُمَرَ رضِيَ اللهُ عنهما: "لئِنْ سعَيْتُ فقد رأَيْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يَسعَى، ولئن مشَيْتُ لقد رأَيْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يمشي"، أي: رأَيْتُ النَّبيَّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ فعَل الأمرينِ؛ فسَعْيُه ومَشْيُه ما هو إلَّا اتِّباعٌ لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في سَعْيِه ومَشْيِه بين الصَّفا والمروةِ، وقيل: إنَّ مَشْيَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في المَسعَى ربَّما كان لزحامٍ، حينما لم يُمكِنْه السَّعيُ.
ثم قال ابنُ عُمرَ رضِيَ اللهُ عنهما: "وأنا شيخٌ كبيرٌ"، وهذا اعتذارٌ آخِرُ مِنه عن مَشْيِه في المسعى؛ لكِبَرِ سنِّه.