باب في مناقب أبي حفص عمر بن الخطاب رضي الله عنه32
سنن الترمذى
حدثنا قتيبة قال: حدثنا الليث، عن ابن عجلان، عن سعد بن إبراهيم، عن أبي سلمة، عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قد كان يكون في الأمم محدثون، فإن يك في أمتي أحد فعمر بن الخطاب». هذا حديث حسن صحيح. وأخبرني بعض أصحاب ابن عيينة، قال: قال سفيان بن عيينة: محدثون يعني: مفهمون
يَصْطَفي اللهُ سُبحانَه وتعالَى مِن خَلقِه مَن يَشاءُ؛ ليَقذِفَ في قَلبِه مِن أنْوارِ النُّبوَّةِ والهُدى، ويَفيضَ عليه مِن العَملِ والإلْهامِ ما يَشاءُ سُبحانَه، وكان عُمَرُ بنُ الخطَّابِ رَضيَ اللهُ عنه مِن هؤلاء المُحَدَّثينَ، يَعني: منَ المُلهَمينَ الَّذين يَجْري الصَّوابُ على ألسِنَتِهم، أو يَخطُرُ ببالِهمُ الشَّيءُ فيَكونُ بفَضلٍ مِن اللهِ تعالَى وتَوْفيقٍ، وقدْ وافَقَ عُمَرُ رَضيَ اللهُ عنه الوَحيَ في حَوادثَ كَثيرةٍ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ المُحدَّثينَ المُلْهَمينَ مَوْجودونَ في الأُمَمِ السَّابقةِ، ولو كان في هذه الأُمَّةِ أحَدٌ منهم، فإنَّه عُمَرُ بنُ الخطَّابِ.
وهؤلاء المُحَدَّثونَ -كما أخبَرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- يُكلَّمونَ مِن غيرِ أنْ يَكونوا أنْبياءَ، يَعني: يُلْهَمونَ إلى الرُّشدِ والصَّوابِ مِن غَيرِ أنْ يُرسِلَ اللهُ إليهم وَحْيًا كالأنْبياءِ.
وفي الحَديثِ: دَليلٌ على كَثرةِ المُحَدَّثينَ في الأُممِ السَّالِفةِ، وقِلَّتِهم في هذه الأمَّةِ.
وفيه: مَنقَبةٌ لعُمَرَ بنِ الخطَّابِ رَضيَ اللهُ عنه.