باب ما جاء في السعي بين الصفا والمروة1
سنن الترمذى
حدثنا قتيبة قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن طاوس، عن ابن عباس قال: «إنما سعى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبيت وبين الصفا والمروة ليري المشركين قوته» وفي الباب عن عائشة، وابن عمر، وجابر.: «حديث ابن عباس حديث حسن صحيح»، «وهو الذي يستحبه أهل العلم أن يسعى بين الصفا والمروة، فإن لم يسع ومشى بين الصفا والمروة رأوه جائزا»
ان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم قائدًا ومُعلِّمًا ومُربِّيًا، وكان يُريدُ إظهارَ العِزَّةِ والقوَّةِ لدِينِ اللهِ، بإظهارِ قُوَّةِ وجلَدِ المسلِمين أمامَ الكُفَّارِ والمشرِكين، وفي هذا الحَديثِ يقولُ عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رضِيَ اللهُ عنهما: "إنَّما سعى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بالبيتِ، وبين الصَّفا والمَرْوةِ"، أي: أسرَع في المشيِ في طوَافِه بالبيتِ وبين الصَّفا والمَرْوةِ، وكان ذلك في عُمرةِ القَضاءِ في ذي القَعدةِ مِن السَّنةِ السَّادسةِ للهِجرةِ، وكان ذلك لعامِه الَّذي استأمَن فيه، فأبى أهلُ مكَّةَ أن يُدخِلوهم حتَّى قاضَاهم النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم على أن يُقيمَ بمكَّةَ ثلاثةَ أيَّامٍ يَقضي فيهم عُمرتَه؛ "ليُرِيَ المُشرِكين قوَّتَه"، أي: وذلك إرهابًا لهم وتخويفًا؛ وذلك حتَّى لا يطمَعوا في المسلِمين ويَستضعِفوهم؛ وذلك أنَّ قُرَيشًا قالت: إنَّه يَقدَمُ عليكم وَفْدٌ أَنهكتْهم ووهنَتْهم حُمَّى يَثْرِبَ، أي: أضعَفَتْهم، وجعَلوا ينظُرون إليهم ويُراقِبونهم في طوافِهم؛ فالمرادُ بالسعيِ هنا شِدَّةُ المشيِ وسُرعتُه، وفي روايةٍ: فأمَرهم النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "أن يرمُلوا الأشواطَ الثَّلاثةَ، وأن يمشُوا ما بين الرُّكنينِ، ولم يمنَعْه أن يأمُرَهم أن يرمُلوا الأشواطَ كلَّها إلَّا الإبقاءُ عليهم"، أي: مِن أجلِ الرِّفقِ بهم.
وفي الحديثِ: إظهارُ الجَلدِ والقُوَّةِ؛ ليغتاظَ العدوُّ.