‌‌باب في ثقيف وبني حنيفة2

سنن الترمذى

‌‌باب في ثقيف وبني حنيفة2

حدثنا أحمد بن منيع قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: أخبرني أيوب، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، أن أعرابيا أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم بكرة فعوضه منها ست بكرات فتسخطها، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: «إن فلانا أهدى إلي ناقة فعوضته منها ست بكرات فظل ساخطا، لقد هممت أن لا أقبل هدية إلا من قرشي أو أنصاري أو ثقفي أو دوسي» وفي الحديث كلام أكثر من هذا. هذا حديث قد روي من غير وجه عن أبي هريرة. ويزيد بن هارون يروي عن أيوب أبي العلاء وهو أيوب بن مسكين ويقال: ابن أبي مسكين، ولعل هذا الحديث الذي روي عن أيوب، عن سعيد المقبري هو: أيوب أبو العلاء


كان بعضُ العرَبِ يَمتازُ بعضُهم عن بَعضٍ بالكرَمِ والسَّخاءِ، وكان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يَقبَلُ مِنهم هَداياهم له ويُكافِئُهم عليها بأفضلَ مِنها وبما يَستطيعُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، كما يقولُ أبو هُرَيرةَ رَضِي اللهُ عنه في هذا الحَديثِ: "أَهْدى رَجُلٌ مِن بَني فَزارةَ"، وفي رِوايةٍ: "أنَّ أعرابيًّا أهدى"، "إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم ناقةً مِن إبِلِه الَّتي كانوا أصابوا"، أي: حصَلوا عليها، "بالغابةِ"، والغابةُ: مَوضعٌ قَريبٌ مِن المدينةِ ناحيةَ الشَّمالِ، وصُنِع مِن شجَرِه مِنبَرُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، "فعوَّضه مِنها بَعضَ العِوَضِ".
وفي رِوايةٍ: "فعَوَّضه مِنها سِتَّ بَكَراتٍ"، وفي رِواياتٍ بأكثرَ مِن ذلك، "فتسَخَّطها"، أي: لم يُعجِبْه ما أعطاه النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم واستَقلَّه؛ وذلك أنَّ الرَّجُلَ كان طمَعُه في الجزاءِ مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بأكثَرَ مِن ذلك؛ لِمَا سَمِع عن جُودِه وكرَمِه، "فسَمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم على المنبَرِ"، أي: يَخطُبُ في النَّاسِ، "يقولُ: إنَّ رِجالًا مِن العرَبِ يُهْدي أحَدُهم الهديَّةَ"، أي: يُعطيني هَديَّةً، "فأُعوِّضُه منها"، أي: مِن تلك الهديَّةِ، "بقَدْرِ ما عِندي"، أي: بقَدْرِ ما أستطيعُ وممَّا هو متوفِّرٌ عِندي، "ثمَّ يتَسخَّطُه"، أي: يَستقِلُّه ويُغضِبُه، ولا يُعجِبُه القدرُ الَّذي يُعوَّضُ به؛ "فيظَلَّ يَتسَخَّطُ فيه علَيَّ"، أي: ويَبْقى على غَضَبِه هذا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، ثمَّ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "وايمُ اللهِ"، أي: يُقْسِمُ باللهِ عزَّ وجلَّ، "لا أقبَلُ بعدَ مَقامي هذا مِن رجُلٍ مِن العرَبِ هديَّةً، إلَّا مِن قُرَشيٍّ"، وفي روايةٍ: "مهاجِرًا قُرشيًّا"، "أو أنصاريٍّ أو ثقَفيٍّ أو دَوسيٍّ"، أي: إلَّا مِن قومٍ في طَبائعِهم الكرَمُ لا يَقصِدون ويطمَعون بهداياهم أن يُعوَّضوا بمِثلِها أو بأفضلَ منها، ودَوْسُ: عَشيرةٌ مِن عَشائرِ الأزدِ مِن أهلِ اليمنِ، ومِنهم أبو هُريرةَ رَضِي اللهُ عنه.