‌‌باب ما جاء في دية الجنين1

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء في دية الجنين1

حدثنا علي بن سعيد الكندي الكوفي قال: حدثنا ابن أبي زائدة، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنين بغرة عبد أو أمة، فقال الذي قضي عليه: أيعطى من لا شرب، ولا أكل، ولا صاح، فاستهل فمثل ذلك يطل؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن هذا ليقول بقول شاعر، بل فيه غرة عبد أو أمة» وفي الباب عن حمل بن مالك بن النابغة، والمغيرة بن شعبة: حديث أبي هريرة حديث حسن والعمل على هذا عند أهل العلم، وقال بعضهم: الغرة: عبد، أو أمة، أو خمس مائة درهم، وقال بعضهم: أو فرس، أو بغل
‌‌

كان رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم هو مَرجِعَ الصَّحابةِ في كلِّ ما يجِدُّ لهم في حياتهم من نوازِلَ وحوادِثَ، فيُعلِّمُهم ما جَهِلوه، ويفصِلُ بينهم فيما اختلفوا فيه، ويحكُمُ بينهم بما أراه الله تعالى.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ أبو هُرَيْرَةَ رضِيَ اللهُ عنه أنَّ امرأتينِ مِن قَبيلةِ هُذَيلٍ اقتتَلَتا، «فرَمَتْ إحداهما» وهي أُمُّ عَفِيفٍ بِنْتُ مَسْرُوحٍ «الأُخْرَى» وهي مُلَيْكَةُ بِنْتُ عُوَيْمِرٍ «بِحَجَرٍ، فأصاب بطنَها وهي حامِلٌ، فقَتَلَتْ» الجنينَ الذي في بطنِها، فتنازعوا الأمرَ وتحاكموا إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقَضَى على الجانيةِ دِيَةً للجنينِ الذي كانت سببًا في إسقاطِه، غُرَّةً: عَبْدًا أو أَمَةً، وأصلُ الغُرَّة: البَيَاضُ في الوَجهِ، ثم استُخدِم في الجِسمِ كلِّه، فلمَّا سَمِعَ زوجُها -وهو الصَّحابيُّ حَملُ بنُ مالكِ بنِ النابغةِ الهُذَليُّ رَضِيَ اللهُ عنه- ذلك قال: «كيف أَغْرَم -يا رسولَ الله- مَن لا شَرِبَ ولا أَكَل، ولا نَطَق ولا اسْتَهَل» أي: نَزَل صارخًا عندَ الولادةِ، يعني: كيف ندفَعُ دِيَةً لِمَن لم يُولَدْ ويرى الحياةَ؟! «فمِثْلُ ذلك يُطَلُّ!»، أي: مِثلُ ذلك الدَّمِ يكونُ هَدْرًا ولا تكونُ فيه دِيَةٌ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «إنَّما هذا مِن إخوانِ الكُهَّانِ»؛ لِمُشابهتِه لهمْ في كَلامِهم الذي يُزيِّنونه بِسَجْعِهم، فيَرُدُّون به الحقَّ ويُقِرُّون الباطلَ، والكاهنُ: هو مَن يَدَّعي عِلْمَ الغَيْبِ والإخبارَ بما سيَقَعُ مُستقبَلًا، وكان للكُهَّانِ كَلامٌ مَسْجُوعٌ يُروِّجون به الباطلَ.
وفي الحَديثِ: أنَّ الجَنينَ في بَطنِ أمِّه له حَقُّ الحياةِ، فيَلزَمُ الحِفاظُ عليه، ويُعاقَبُ من اعتدى عليه.