‌‌باب ما جاء في صفة أنهار الجنة1

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء في صفة أنهار الجنة1

حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا الجريري، عن حكيم بن معاوية، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «إن في الجنة بحر الماء وبحر العسل وبحر اللبن وبحر الخمر، ثم تشقق الأنهار بعد»: " هذا حديث حسن صحيح، وحكيم بن معاوية هو والد بهز بن حكيم، والجريري يكنى أبا مسعود واسمه: سعيد بن إياس "

تَحدَّثَ اللهُ عزَّ وجلَّ في كتابِه الكريمِ عَن أنهارِ الجنَّةِ، وذكَر أنَّ مِنها أنهارَ لبَنٍ، وأنهارَ خَمرٍ، وأنهارَ عسَلٍ، وأنهارَ ماءٍ؛ وذلك لِحَثِّ المؤمِنين على الاجتِهاد؛ للظَّفَرِ بدُخولِ الجنَّةِ، والتَّمتُّعِ بتِلْك الأنهارِ.
وفي هذا الحديثِ يَقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم: "إنَّ في الجنَّةِ"، أي: إنَّ مِن جُملَةِ نَعيمِ الجنَّةِ: "بَحْرَ الماءِ"، أي: أنهارًا مِن ماءِ عذْبٍ تَجْري تحتَ قُصورِ سُكَّانِ الجنَّةِ، "وبَحْرَ العسَلِ"، أي: أنهارًا مِن عسَلٍ مُصفًّى كما ذكَر اللهُ تعالى في كِتابِه، "وبحرَ اللَّبنِ"، أي: وأنهارًا مِن لبَنٍ لم يتَغيَّرْ طَعمُه؛ كما ذَكَر اللهُ في كتابِه، "وبحرَ الخمرِ"، أي: وأنهارًا مِن خمرٍ لذَّةٍ للشَّارِبينَ يتَلذَّذُ بها أهلُ الجنَّةِ، فيَجِدون فيها تَمامَ اللَّذَّةِ مِن غيرِ سُكْرٍ، "ثمَّ تُشقَّقُ الأنهارُ بعدُ"، أي: ثمَّ تتَفرَّعُ مِن تلك البُحورِ الأنهارُ الجاريةُ ومَجاري الماءِ الصَّغيرةُ والقَنَواتُ، وكلُّ ذلك مُسخَّرٌ يتَلذَّذُ به المؤمِنون ويتَنعَّمون به، ومِثالُ ذلك ما ذَكَره اللهُ في قولِه تعالى: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى} [محمد: 15].