باب المتشبع بما لم ينل وما ينهى من افتخار الضرة
بطاقات دعوية
عن أسماء أن امرأة قالت: يا رسول الله! إن لي ضرة، فهل على جناح إن تشبعت من زوجى غير الذى يعطينى؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبى زور".
لا يَنْبغي للمُسلمِ أنْ يدَّعِيَ ما ليس فيه، ولا أنْ يَتظاهَرَ بغيرِ الحَقيقةِ.
وفي هذا الحديثِ تروي أسماءُ بنتُ أبي بكرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّ امرأةً لها ضَرَّةٌ -زوجةٌ أخرى لزوجِها- سألتْه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: هل عليها إثمٌ إذا تشبَّعَتْ مِن زَوجِها غيرَ الَّذي يُعْطِيها؟ أي: ادَّعتْ أمامَ ضَرَّتِها أنَّ زَوجَها يُعْطيها مِنَ الحُظوةِ والمكانةِ أكثرَ مِنَ الواقعِ؛ لِتَغيظَها، فقال لها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «المُتشبِّعُ بِما لم يُعطَ كلابسِ ثوبَيْ زُورٍ»، والتشَبُّعُ في الأصلِ يُستعمَلُ بمعنى التكَلُّفِ في الأكلِ والتجاوُزِ عن الشِّبَعِ، وبمعنى التشَبُّهِ بالشَّبعانِ، ومن هذا المعنى الأخيرِ استُعيرَ للتحَلِّي بفضيلةٍ أو زينةٍ لم تُرزَقْ، والمتشبِّعُ هو المتكثّرُ بأكثَرَ ممَّا عنده يرائي به أو يتكَبَّرُ به، وعلى ذلك فإنَّ الَّذي يدَّعي ويَتظاهرُ بما ليسَ فيه وليس عندَه، فهو كمَنْ يَلْبَسُ ثَوبينِ مُستعارَينِ أو مودُوعَينِ عنده يَتظاهرُ أنَّهما مِلْكُه، وكَمَنْ يُزَوِّرُ على النَّاسِ، فيلبَسُ لِباسَ ذوي التقَشُّفِ، ويتَزَيَّا بزِيِّ أهلِ الصَّلاحِ، وأضاف الثوبينِ إلى الزُّورِ؛ لأنهما لُبِسَا لأجْلِه، وثُنِّي باعتبارِ الرِّداءِ والإزارِ، يريد: أنَّ المتحَلِّيَ بما ليس له كمن لَبِسَ ثوبَينِ من الزُّورِ، ارتدى بأحَدِهما، وتأزَّرَ بالآخَرِ.
قيل: إنَّما كُرِهَ ذلك للمرأةِ؛ لأنها تُدخِلُ بين المرأةِ الأخرى وزوجِها البَغضاءَ، فيصيرُ كالسِّحرِ الذي يُفَرِّقُ بين المرءِ وزَوْجِه.
والنَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أرادَ بذلك تَنفيرَ المرأةِ عمَّا ذكرتْ؛ خوفًا مِنَ الفسادِ بَيْنَ زوجِها وضَرَّتِها، فتُورَثُ بيْنهما البَغضاءُ.