باب المرأة السوداء
بطاقات دعوية
عن عبد الله بن عمر في رؤيا النبي - صلى الله عليه وسلم - في المدينة:
"رأيت -[كأن] امرأة سوداء ثائرة الرأس خرجت من المدينة حتى نزلت بمهيعة، فتأولتها أن وباء المدينة نقل إلى مهيعة. وهي الجحفة".
كانتِ المدينةُ النَّبويَّةُ قبْلَ الهجرةِ مكانًا وَبِيئًا، به مرَضٌ مُستوطِنٌ، وقدْ أصاب ذلك بعْضَ الصَّحابةِ في أوَّلِ الهجرةِ، ولكنَّ اللهَ سُبحانَه وتعالَى رفع هذا الوباءَ وأذهبه من أجْلِ نَبِيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم والمُؤمِنينَ، وجعَلَ دارَ هِجرتِهم سالِمةً من الآفاتِ، وحبَّبَها إليهم، وجاءت البُشْرى للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بذلك في مَنامِه -ورؤيا الأنبياءِ حَقٌّ- فيخبرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه رأى رُؤيَا في المنامِ كأنَّ امرأةً سَوداءَ، شَعرُ رأْسِها مُنتشِرٌ، «خرَجَت مِن المدينةِ، حتَّى نزَلَتْ مَهْيَعَةَ»، وَهِي الجُحْفَةُ، وكان اسمُها مَهْيَعةَ، فأجحَفَ -أي: ذَهَبَ- السَّيلُ بأهلِها، فسُمِّيَت الجُحْفةَ، وهي مَوضعٌ بيْن مكَّةَ والمدينةِ، وتَبعُدُ عن مكَّةَ 190 كيلومترًا تَقريبًا، وهي مِيقَاتُ المصريِّينَ وأهلِ الشَّامِ، ففسَّر النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم هذه الرُّؤيا: «أنَّ وباءَ المدينةِ نُقِلَ إليها»، أي: إنَّ مرَضَ الحُمَّى الذي كان مُستوطِنًا في المدينةِ خرَجَ إلى مكانٍ آخرَ -وهو الجُحْفةُ- بقُدرةِ اللهِ، وأصبحَتِ المدينةُ دارَ صِحَّةٍ وأمانٍ لأهْلِها.
وهذا مِن فضْلِ اللهِ على نَبيِّه وعلى المُؤمِنينَ، وبسَبَبِ بَرَكةِ نُزولِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بهذا المكانِ، فجعَلَ اللهُ فيه البركةَ في الطَّعامِ والشَّرابِ، والزُّروعِ والمَكاييلِ والهواءِ.