باب قوله: {ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما}
بطاقات دعوية
عن عائشة - رضى الله عنها - أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه، فقالت عائشة: لم تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟! قال: «أفلا أحب أن أكون عبدا شكورا؟». فلما كثر لحمه صلى جالسا، فإذا أراد أن يركع قام فقرأ ثم ركع.
كان رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أعرَفَ الناسِ باللهِ عزَّ وجلَّ، وأخْشاهم له، وأعبَدَهم له، وقد كان صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ دائمَ العِبادةِ للهِ عزَّ وجلَّ في لَيلِه ونَهارِه.
وفي هذا الحديثِ بَيانٌ لحالِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في العِبادةِ واجتهادِه فيها؛ فإنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يَقومُ مِن اللَّيلِ حتَّى تَرِمَ قَدَماهُ، أي: تَتورَّمَ وتَنتفِخَ، ولَمَّا سُئِل عن سَببِ هذا الاجتهادِ وقد غَفَر اللهُ له ذَنْبَه، قال: أفلا أكونُ عَبْدًا شَكورًا؟ فمَن عَظُمَتْ عليه نِعَمُ اللهِ، وجَبَ عليه أنْ يَتلقَّاها بعَظيمِ الشُّكرِ، لا سيَّما أنبيائِه وصَفْوتِه مِن خَلْقِه الَّذين اختارَهم، وخَشيةُ العِبادِ للهِ على قَدْرِ عِلْمِهم به؛ فمعنى قولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «أفلا أكونُ عبدًا شَكورًا»، أي: كيف لا أشكُرُه وقد أنعَمَ علَيَّ وخصَّني بخيرَيِ الدَّارينِ؟!
وفي الحديثِ: أخْذُ الإنسانِ على نفْسِه بالشِّدَّةِ في العِبادةِ وإنْ أضَرَّ ذلك ببَدنِه، لكنْ يَنْبغي ألَّا يُؤدِّيَ ذلك إلى المَلَلِ والسآمةِ.
وفيه: الحَثُّ على مُقابَلةِ نِعَمِ اللهِ عزَّ وجلَّ بمَزيدٍ مِن الاجتهادِ في العِبادةِ.