باب النهي أن يخرج في الصدقة شر ماله 1
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بشر بكر بن خلف، حدثنا يحيى بن سعيد، عن عبد الحميد ابن جعفر، حدثني صالح بن أبي عريب، عن كثير بن مرة الحضرمي
عن عوف بن مالك الأشجعي، قال: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد علق رجل أقناء أو قنوا، وبيده عصا، فجعل يطعن يدقدق (2) فيذلك القنو ويقول: "لو شاء رب هذه الصدقة تصدق بأطيب منها، إن رب هذه الصدقة يأكل الحشف يوم القيامة" (1).
الصَّدقةُ تقَعُ في يَدِ اللهِ تعالى قبلَ أن تقَعَ في يدِ السَّائلِ؛ ولذلك ينبغي على المؤمن الحق أنْ يَحرِصَ على أنْ يتَصدَّقَ بأجوَدِ ما عِندَه، ولا يَتصدَّق مِن الرَّديءِ من مالِه؛ فالجزاءُ مِن جِنسِ العَملِ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ عَوْفُ بنُ مَالِكٍ الأشْجَعيُّ رضِيَ اللهُ عنه: دخَلَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم المسجِدَ وبِيدِه عصًا، "وقد علَّق رجلٌ قَنَا حَشَفًا"، والحشَفُ هو التَّمْرُ اليابِسُ الفاسدُ، و"قَنَا"، أي: عِذْقًا مِن تمرٍ؛ وذلك أنَّه كان مِن عادَتِهم أنَّهم يُعلِّقون في المسجدِ التَّمرَ كي يأكُلَ منه مَن يَحتاجُ إليه، فطَعَن النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم بالعَصا في ذلك القِنْوِ، وقال: "لو شاءَ ربُّ هذه الصَّدقةِ تَصدَّقَ بأطيَبَ مِنها"؛ لأنَّ هذا التَّمرَ فاسِدٌ، والمسلِمُ إنَّما يتَصدَّقُ للهِ بأحسنِ ما عِندَه.
وقال: "إنَّ ربَّ هذه الصَّدقةِ يَأكُلُ حشَفًا يومَ القيامةِ"؛ فالجَزاءُ مِن جِنسِ العمَلِ، فيُعامَلُ بالمِثلِ .