باب: النهي عن الاستلقاء ووضع إحدى الرجلين على الأخرى
بطاقات دعوية
عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لا يستلقين أحدكم ثم يضع إحدى رجليه على الأخرى (1). (م 6/ 156
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُربِّيًا ومُعلِّمًا، يُربِّي المسْلِمين على مَكارمِ الأخلاق، ويُعلِّمهم ما تَكتمِلُ به مُروءتُهم وهَيْبتُهم، ومِن ذلك أنَّ بعضَ النَّاسِ كانوا في الجاهليَّة لا يُبالون بما يَنكشِفُ مِن عَوْراتِهم، وربَّما كانوا يَجلِسون ويَنامون في التَّجمُّعاتِ ولا يَتحرَّزون عن الأعيُنِ، فعلَّمَهم النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ما يَحفَظُ به الإنسانُ على نفْسِه عَورتَه ويَستُرُها عن الأعينِ.
وفي هذا الحديثِ يَنهى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن الاستِلقاء، وهو النَّومُ على الظَّهر، أو مدُّ الجسمِ على الأرض لغَرَض الرَّاحة أو النَّوم، وكان النَّاس يَنامون في المسجدِ، «ثمَّ يَضَعُ إحدى رِجْليه على الأخرى»، وهذه الصُّورة تُتخيَّلُ بأكثرَ مِن وَضْعٍ؛ وهي أنْ يَرفَع إحدى رُكبتيه ويَنصِبها، ثمَّ يَضَع الرِّجلَ الأخرى فوقَ رُكبته المُنتصِبة، وهذه الحال مَظِنَّة انكشافِ العَوْرة؛ فالنَّهي عنها مُحقَّقٌ إذا انكشفتِ العَوْرة، والصُّورة الثَّانية: أنْ يَمُدَّ المرءُ جسدَه ورجلَيه على الأرضِ، ثمَّ يَلُفَّ إحدى رِجليه على الأخرى، وهذه الحالة أكثر تَحرُّزًا من الأُولى، إلَّا إذا كان ثوبُه قصيرًا أو ضيِّقًا، فإنَّه يكون مَظِنَّةَ انكشاف العَوْرة؛ فالنَّهيُ فيها مُحقَّق أيضًا.
أمَّا إذا أَمِنَ انكشافَ العورة وتحرَّز بلُبْس السَّراويل وغيره، فلا حَرَج عليه؛ فقد ثبَت في الصَّحيحينِ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ اسْتلقى في المسجدِ واضعًا إحْدى رِجليهِ على الأخرى، ولكنَّ فِعْلَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان على وَجْهٍ لا يَظهَرُ منها شَيءٌ، فيكونُ النَّهيُ عن الاستلقاءِ إذا صَحِبتْه هذه الحالةُ مِن رفْعِ إحدى الرِّجلينِ على الأخرى إذا انكشَفتِ العَورةُ.