باب النهي عن ذلك 2
سنن ابن ماجه
حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا المعلى بن أسد، حدثنا عبد العزيز بن المختار، حدثنا عاصم الأحول
عن عبد الله بن سرجس، قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يغتسل الرجل بفضل وضوء المرأة، والمرأة بفضل الرجل، ولكن يشرعان جميعا (1).
فِي هذا الحَدِيثِ يُخبِرُ حُمَيْدُ بنُ عبدِ الرَّحْمَنِ الحِمْيَرِيُّ أحدُ التابِعِينَ أَنَّهُ لَقِيَ رَجُلًا صَحِبَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ علَيْهِ وسَلَّم أربَعَ سِنينَ كَمَا صَحِبَهُ أبو هُرَيْرَةَ، وكانَتْ صُحبَةُ أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ علَيْهِ وسَلَّم أربعَ سِنينَ مِن عامِ فَتحِ خَيْبَرَ سنةَ سَبْعٍ مِن الهِجْرَةِ حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ علَيْهِ وسَلَّم عامَ أَحَدَ عَشَرَ مِن الهِجْرَةِ، قَالَ الصَّحابِيُّ المذكورُ هاهنا رَضِيَ اللهُ عنه: نَهَى رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ علَيْهِ وسَلَّم أن تَغتَسِلَ المرأةُ بِفَضلِ الرَّجُلِ، أي: بالماءِ الَّذِي يَتبقَّى مِن الرَّجُلِ بَعْدَ غُسلِه، أو يَغتَسِلَ الرَّجُلُ بفَضلِ المرأةِ، أي: بالماءِ الَّذِي يَتبقَّى مِن المرأةِ بَعْدَ غُسلِها، والمُرادُ بفَضلِ الماءِ: هُوَ الماءُ المُتبقِّي بَعْدَ استِخدامِه على الأعضاءِ، لا المُتبَقِّي ولم يُستَخدَمْ.
وزاد مُسَدَّدُ بنُ مُسَرْهَدٍ أحدُ رُواةِ الحَدِيثِ: (وَلْيَغْتَرِفَا جَمِيعًا) أي: لِيَأْخُذ الرَّجُلُ والمرأةُ الماءَ مِن الإناءِ الَّذِي يَغتسِلانِ مِنْهُ حَتَّى يَفْرُغَ الاثنانِ مِن الغُسلِ، و"الاغتِرافُ": أخذُ الماءِ باليَدِ( ).
وقد جاءتْ أحاديثُ تدلُّ على جوازِ أن يَتوضَّأ أو يَغتسِلَ الرجلُ بفَضلِ وَضوءِ المرأةِ والعكس؛ ففي الصَّحيحينِ عن عائشةَ رضِيَ اللهُ عنها قالتْ: "كنتُ أغتسلُ أنا ورسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّمَ مِن إناءٍ بيني وبينَه واحدٍ، فيُبادرني حتى أقول: دعْ لي، دَعْ لي، قالت: وهما جُنبانِ"، وفي اَلسُّنَنِ: "اغتَسَلَ بعضُ أزواجِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم فِي جَفْنَةٍ, فَجَاءَ ليَغْتَسِلَ منها, فقالتْ له: إنِّي كُنْتُ جُنُبًا, فقالَ: "إنَّ اَلْمَاءَ لَا يُجْنِبُ، ولعل مِن وجوهِ الجَمعِ بين هذِه الأحاديثِ أنْ يُحمَلَ حديثُ النهيِ على كراهةِ التنزيهِ، والأحاديثُ الأخرى لبيانِ الجوازِ؛ جَمْعًا بين الأدلَّةِ، أو يُحمَل النهيُ على الماءِ المتساقِطِ عن الأعضاءِ، وليس المُتبَقِّي ولم يُستَخدَمْ.