باب النية في القتال2
سنن ابن ماجه
حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم، حدثنا عبد الله بن يزيد، حدثنا حيوة، أخبرني أبو هانئ، أنه سمع أبا عبد الرحمن الحبلي يقول:
إنه سمع عبد الله بن عمرو يقول: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "ما من غازية تغزو في سبيل الله، فيصيبوا غنيمة، إلا تعجلوا ثلثي أجرهم، فإن لم يصيبوا غنيمة تم لهم أجرهم" (2)
الخروجُ للجِهادِ في سَبيلِ اللهِ مِن أعظَمِ الأعمالِ قُرْبةً إلى اللهِ، وهو مِن كَمالِ الإيمانِ وتَمامِه، وبالجهادِ تَرتفِعُ كَلمةُ اللهِ ويُنشَرُ دِينُه، ويُحفَظُ على المسْلِمين وَحْدتُهم وقُوَّتُهم.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه «ما مِن غَازيةٍ» أي: جماعةٍ تَغزو وتَخرُجُ للقتالِ في سَبيلِ اللهِ، مِن غَيرِ رِياءٍ أو سُمعةٍ، وليس لطَلبِ عَرَضِ مِن الدُّنيا زَائلٍ، فإذا حارَبوا وانْتَصَروا وأخَذوا منَ الغَنيمةِ -وهي كلُّ ما يَحصُلُ عليه المسلِمون مِن الكُفَّارِ قَهرًا- فإنَّهم يَكونون بذلكَ قدْ تَعجَّلوا ثُلثَيْ أجْرِهم المترتِّبِ على الغزوِ، وبَقِي لهُم في الآخرةِ الثُّلثُّ مُدَّخَرًا لهم، وإنْ لَم يُصِيبوا غَنيمةً في الدُّنيا، تمَّ لهم أجْرُهم، أي: ادُّخِرَ لهم تامًّا غيرَ ناقصٍ في الآخرةِ، أي: إنَّ المُجاهدَ الَّذي يَغنَمُ مِن الجِهادِ أَقَلُّ أجْرًا في الآخرةِ مِنَ المجاهدِ الَّذي لا يَغنَمُ وإنْ كان كِلاهما مأجورًا مُثابًا، وتكونُ هذه الغنيمةُ مِن جُملة الأجْرِ بما فُتِحَ عليه مِن الدُّنيا وتَمتَّع بِه، وذهَب عنه شَظفُ عَيشِه، بخِلافِ مَن لم يُصِبْ شيئًا، فهذا يُوفَّى أجْرَه كُلَّه.
وفي الحديثِ: تَسليةٌ لمَن لم يَحصُلوا على غَنيمةٍ في جِهادِهم؛ لأنَّ الثَّوابَ الجزيلَ أمامَهم، والأجرَ الكاملَ يُدَّخَرُ لهُم في الآخرةِ.