باب الهدية للمشركين، وقول الله تعالى {لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم}
بطاقات دعوية
عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: قدمت علي أمي [راغبة 7/ 71] (21) وهي مشركة في عهد [قريش إذ عاهدوا 4/ 70] رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، [ومدتهم مع أبيها] (22)، فاستفتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ قلت: إن أمي قدمت وهي راغبة، أفأصل أمي" قال:
"نعم؛ صلي أمك".
الصِّلةُ والبِرُّ مِن أخلاقِ الإسلامِ الحَميدةِ التي غَرَسَها في نُفوسِ المسلمينَ وربَّاهم عليها، ولم تَقتصِرِ الصِّلةُ والبِرُّ على المسلمينَ فحسْبُ، بلْ شَمِلَت غيرَ المسلمينَ، لا سيَّما مَن تَربِطُهم بالمسلمينَ رَوابُطُ نَسبٍ، كالوالدينِ والإخوةِ والأقاربِ.
وفي هذا الحديثِ تَحكي أسماءُ بنتُ أبي بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّها قَدِمَت عليها أمُّها قُتَيلةُ بنتُ عبْدِ العُزَّى وهي مُشرِكةٌ، في زمَنِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهِ عليه وسلَّم، وفي رِوايةِ الصَّحيحينِ: «أنَّها قَدِمَت في عهْدِ قُريشٍ إذ عاهَدَهُم صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ»، وأرادتْ بذلك أنَّها قَدِمَت فيما بيْن صُلحِ الحُديبيةِ وفتْحِ مكَّةَ. وكانت أسماءُ رَضيَ اللهُ عنها وقْتَها زَوجةً للزُّبيرِ بنِ العوَّامِ رَضيَ اللهُ عنه، فاستَفْتَت أسماءُ رَضيَ اللهُ عنها رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ أُمَّها راغبةٌ في بِرِّها، والقُرْبِ منها والتَّودُّدِ إليها؛ لأنَّها ابتَدَأَت أسماءَ بالهديَّةِ، ورَغِبَت منها في المُكافأةِ، أو راغبةٌ في شَيءٍ تَأخُذُه مِن ابْنَتِها أسماءَ، أو راغبةٌ عن الإسلامِ غيرُ مُقبِلةٍ عليه، فهلْ تَصِلُها وهِي لا تَزالُ على كُفْرِها؟ فأجابَها صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «نعَم صِلِي أُمَّكِ»، أيْ: ولو كانت كافرةً.
وفي الحديثِ: مَشروعيَّةُ صِلةِ الرَّحِمِ الكافرةِ.
وفيه: فَضيلةُ أسماءَ بنتِ أبي بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنهما، حيث تَحرَّتْ في أمْرِ دِينِها.