باب {وعلى الذين يطيقونه فدية}
بطاقات دعوية
عن ابن عمر رضي الله عنهما [أنه 5/ 155] قرأ: {فدية طعام مسكين} قال: هي منسوخة
الصِّيامُ ركْنٌ مِن أركانِ الإسلامِ، وقد بيَّنَ القُرآنُ مُجمَلَ أحكامِه، وفصَّلَتْها السُّنةُ النَّبويَّةُ، ولَمَّا كان فرْضُ الصَّومِ قدْ مرَّ بمَراحلَ في التَّشريعِ فقدْ نَقَلَ الصَّحابةُ الكِرَامُ مَلامحَ هذه الأطوارِ.
وفي هذا الأثرِ يُخبِرُ التابعيُّ نافعٌ مَولى عبدِ اللهِ بنِ عمَرَ، أنَّ عبدَ اللهِ رَضيَ اللهُ عنه قَرَأَ قَولَ اللهِ تعالَى: {فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184]، بالجمْعِ، فقَرَأَها: (فِدْيةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ)، وهي مِن القِراءاتِ السَّبعِ المُتواترةِ، أي: على كلِّ واحدٍ ممَّن يُطِيقُ الصَّومَ فأفْطَرَ، أنْ يُطعِمَ مِسكينًا عن كلِّ يَومٍ أفطَرَه؛ ففي أوَّلِ فرْضِ الصِّيامِ كان يُشرَعُ للمُسلِمِ أنْ يَدفَعَ الفِديةَ ولا يَصومَ رَمضانَ مع القُدْرةِ عليه، ثمَّ بيَّن ابنُ عمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما: أنَّ آيةَ الفِديةِ هذه مَنسوخةٌ غيرُ مَخصوصةٍ ولا مُحكَمةٍ، وقد رُفِعَ حُكْمُ العملِ بها وبَقِيَت تِلاوتُها، فنُسِخَ ذلك بقولِه تعالَى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185]، فأُلزِمَ بذلك الصِّيامِ كلُّ مُستطيعٍ.
أمَّا ابنُ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما فكان يَرى غيرَ ذلك؛ فقدْ جاء في صَحيحِ البُخاريِّ عن التَّابعيِّ عَطاءِ بنِ أبي رَباحٍ، أنَّه سَمِعَ عبدَ اللهِ بنَ عبَّاسٍ يَقرَأُ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184]، قال ابنُ عبَّاسٍ: «لَيستْ بمَنسوخةٍ؛ هو الشَّيخُ الكبيرُ، والمرأةُ الكبيرةُ لا يَستطيعانِ أنْ يَصومَا، فيُطعِمانِ مَكانَ كلِّ يومٍ مِسكينًا»، فكان يَرى أنَّ حُكْمَ الفِديةِ باقٍ لم يُنسَخْ، وإنَّما يُعمَلُ به في حقِّ مَن كَبِرَ ولم يَستطعِ الصَّومِ.
وفي الحديثِ: إثباتُ النَّسخِ في القُرآنِ.