باب الورع والتقوى3
سنن ابن ماجه
حدثنا محمد بن خلف العسقلاني، حدثنا يونس بن محمد، حدثنا سلام بن أبي مطيع، عن قتادة، عن الحسن
عن سمرة بن جندب، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الحسب المال، والكرم التقوى" (1)
مَعاييرُ البشَرِ كثيرًا ما تُخالِفُ المعيارَ الصَّحيحَ الَّذي أنزَله اللهُ تعالى، والَّذي يَنبغي ألَّا يُحكَّمَ غيرُ مِعْيارِ الشَّرعِ في الحُكمِ على النَّاسِ.
وفي هذا الحديثِ يَقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "الحسَبُ المالُ"، أي: الحسَبُ يأتي عِندَ النَّاسِ بسبَبِ المالِ؛ فالمالُ هو المؤدِّي لتِلك الصِّفةِ، وقيل: هو ذِكْرُك وتَفاخُرُك بالآباءِ؛ فالمعنى: أنَّ ما يَجعَلُك عَظيمَ القَدْرِ عِندَ النَّاسِ هو المالُ، فبه تَكونُ ذا حسَبٍ عِندَهم، "والكَرَمُ التَّقْوى"، الكرَمُ هو الجمعُ بينَ أنواعِ الخيرِ والشَّرفِ والفضائلِ، والمعنى: أنَّ الكرَمَ على الحقيقةِ لأهلِ التَّقْوى كما حَكَم اللهُ بذلك في قولِه تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}، وهُم مَن جَعَلوا بينَهم وبينَ عَذابِ اللهِ وِقايةً، وليس مَن يَجمَعُ بينَ أنواعِ الخيرِ والشَّرفِ والفَضائلِ فقط، دونَ النَّظرِ إلى تَقْواه للهِ ربِّ العالَمين؛ لأنَّ الأمرَ المعتبَرَ في العُقْبى المترتِّبَ عليه الإكرامُ بالدَّرَجاتِ العُلَى هو "التَّقوى".
وفي الحَديثِ: التَّنبيهُ إلى النَّظرِ في المعاني الشَّرعيَّةِ وتَقْديمِها على أعرافِ النَّاسِ.
وفيه: الحثُّ على تَقْوى اللهِ سُبحانَه وتعالَى.