باب الوصية بالنساء
حديث أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: المرأة كالضلع، إن أقمتها كسرتها، وإن استمتعت بها استمتعت بها وفيها عوج
كان صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يوصي بالنساء، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «خيركم خيركم لأهله» أخرجه ابن ماجه والترمذي، ولما كان في خلق النساء ضعف وأنوثة بأصل خلقتهن، نبه صلى الله عليه وسلم على ذلك، فقال في هذا الحديث: «استوصوا بالنساء»، يعني: تواصوا فيما بينكم بالإحسان إليهن؛ «فإن المرأة خلقت من ضلع»، والضلع أحد عظام الصدر، والمعنى: أن في خلقهن عوجا وضعفا من أصل الخلقة، «وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه»، فوصفها بذلك للمبالغة في وصف الاعوجاج، وللتأكيد على معنى الكسر؛ لأن تعذر الإقامة في الجهة العليا أمره أظهر. وقيل: يحتمل أن يكون ذلك مثل لأعلى المرأة؛ لأن أعلاها رأسها، وفيه لسانها، وهو الذي ينشأ منه الاعوجاج، وكذلك المرأة عوجها الشديد يكون في أعلى شيء فيها، وهو خلقها وفكرها، «فإن ذهبت تقيمه كسرته»، يعني: إذا أردت أن تقيم الضلع وتجعله مستقيما، فإنه ينكسر، وكذلك المرأة إن أردت منها الاستقامة التامة في الخلق أدى الأمر إلى كسرها، وكسرها طلاقها، كما في رواية مسلم، وفيه: إشعار باستحالة تقويمها. «وإن تركته لم يزل أعوج» على حاله التي خلق عليها، فلا يقبل الإقامة، وهذا ضرب مثل لما في أخلاق النساء من الاعوجاج، فإن أريد منهن الاستقامة ربما أفضى ذلك إلى الطلاق
ثم قال صلى الله عليه وسلم: «فاستوصوا بالنساء»؛ فإنه لا سبيل إلى الانتفاع بها إلا بالصبر على هذا الاعوجاج مع مداراتها، فيجب الصبر عليهن والإحسان إليهن، وحسن معاشرتهن مع ذلك. أو كأن فيه رمزا إلى التقويم برفق، بحيث لا يبالغ فيه فيكسر، ولا يتركه فيستمر على عوجه، والحاصل أنه لا يتركها على الاعوجاج إذا تعدت ما طبعت عليه من النقص إلى تعاطي المعصية بمباشرتها، أو ترك الواجب، وإنما المراد أن يتركها على اعوجاجها في الأمور المباحة
وفي الحديث: الندب إلى المداراة لاستمالة النفوس وتألف القلوب
وفيه: سياسة النساء بأخذ العفو عنهن والصبر على عوجهن