باب باب إكرام أهل بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبيان فضلهم 1

بطاقات دعوية

باب باب إكرام أهل بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبيان فضلهم 1

وعن ابن عمر رضي الله عنهما ، عن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - - موقوفا عليه - أنه قال : ارقبوا محمدا - صلى الله عليه وسلم - في أهل بيته . رواه البخاري .
معنى (( ارقبوه )) : راعوه واحترموه وأكرموه ، والله أعلم .

آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم لهم كرامة وشرف وسيادة، وحقوق على الأمة، كالحب والتكريم والتوقير والإحسان إليهم، وقد أوصانا بهم القرآن والنبي صلى الله عليه وسلم
وفي هذا الحديث يروي التابعي يزيد بن حيان أنه انطلق هو والتابعيان حصين بن سبرة وعمرو بن مسلم إلى الصحابي زيد بن أرقم رضي الله عنه، فلما جلسوا إليه، قال له حصين: «لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا»، ومن ذلك الخير أنك رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبته وأخذت من حديثه، وغزوت معه في سبيل الله، وصليت خلفه، لقد أوتيت يا زيد خيرا كثيرا ، وكرر ذلك إجمالا ليبين أن هذا الخير لا يحصر في هذه الأمور فقط، وهذا تذكير منه لنعمة الله عليه وتحريض على أداء شكرها، ثم قال: حدثنا يا زيد بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: يا ابن أخي، يريد أخوة الدين، وهذا من التلطف مع التلاميذ، ثم أقسم زيد فقال: والله لقد كبرت سني، «وقدم عهدي» أي: طال الزمان والعهد برسول الله صلى الله عليه وسلم، ونسيت بعض الذي كنت أحفظ من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما حدثتكم مما أتذكره فاقبلوه، وما لا أذكره ولا أعرفه «فلا تكلفونيه» أي: لا تكلفوني التحديث والإكثار منه، فيكون سببا في الزلل والخطأ.
ثم حدثهم رضي الله عنه، وقال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فينا خطيبا بماء يسمى «خما» بين مكة والمدينة، وخم اسم لمكان يكثر فيه الشجر على ثلاثة أميال من الجحفة عندها بئر مشهورة يسمى باسمها، فيقال: غدير خم، وهو أقرب إلى مكة من المدينة، وقد وقف عنده النبي صلى الله عليه وسلم في طريق عودته من مكة إلى المدينة بعد أداء حجة الوداع في السنة العاشرة من الهجرة، وخطب في أصحابه، فحمد الله، ووصفه بنعوت الكمال وأثنى عليه بتنزيهه عن سائر ما لا يليق به ووعظ الناس، فأمر بالطاعة ووصى بها، وذكر بما قد غفلوا عنه وأداء حق العبودية، ثم قال: «أما بعد» وهي كلمة يفصل بها بين الكلامين عند إرادة الانتقال من كلام إلى غيره، «ألا أيها الناس، فإنما أنا بشر» والقصر فيه بـ(إنما)؛ لرد ما قد يتوهمه قاصر عند ظهور الخوارق على يده صلوات الله وسلامه عليه من كونه إلها أو كونه ملكا، لا لحصر صفاته على ذلك، ثم أخبر أنه يقرب أن يأتيه أجله، فيأتيه ملك الموت، فيجيبه كشأن البشر، وأنه صلى الله عليه وسلم تارك في الأمة «ثقلين»، وسموا بذلك لعلو شأنهما وعظم حرمتهما، وصعوبة القيام بحقهما، أولهما: كتاب الله، يعني: القرآن، فيه الدلالة الواضحة، والنور المبين للباحث عن النجاة؛ فخذوا بكتاب الله بالحفظ والتلاوة لألفاظه، واستمسكوا به واعتصموا به بالعمل بما فيه من الأحكام واتباعه، وفي رواية: «هو حبل الله»، أي: عهده، وقيل: السبب الموصل إلى رضاه ورحمته، وقيل: هو نوره الذي يهدي به، فحث صلى الله عليه وسلم الناس على كتاب الله، وزاد العباد رغبة فيه، «من اتبعه كان على الهدى» والرشاد، «ومن تركه كان على ضلالة»، أي: هلاك وضياع من أمره.
ثم أخبرهم أن ثاني المتروك فيهم هم أهل بيته من قرابته، ثم قال موصيا بهم: «أذكركم الله» أي: آمركم بطاعة الله وبالقيام في أهل بيتي فلا تؤذوهم، بل احفظوهم، وكررها تأكيدا للوصاية بهم وطلب العناية بشأنهم، فيكون من قبيل الواجب المؤكد المطلوب على طريق الحث عليه.
فسأل حصين بن سبرة زيد بن أرقم رضي الله عنه: ومن أهل بيته؟ أليس نساؤه من أهل بيته؟ فأجابه: نساؤه من أهل بيته، ولكن أهل بيته المقصودون في الحديث هم من حرم عليهم الصدقة الواجبة بعده، فلا يأخذون من الزكاة ولا من الصدقات المطلقة ولا تحل لهم؛ لأنها أوساخ الناس، فسأله حصين ثانية: ومن هم الذين تحرم عليهم الصدقة؟ فأجابه: هم: آل علي وآل عقيل وآل جعفر أولاد أبي طالب، وآل عباس وذرية هؤلاء، فقال حصين متعجبا: كل هؤلاء حرم الصدقة؟ فأجابه زيد: نعم.
وفي رواية: من أهل بيته؟ وهل هم نساؤه فقط؟ فأجاب: «لا»، وأقسم بالله على أن المرأة تكون مع الرجل المدة من الزمن، ثم يطلقها فترجع إلى أبيها وقومها، ولكن أهل بيته هم أصله «وعصبته» أي: الأقارب من جهة الأصل والفرع الذين حرموا الصدقة بعده، وعوضوا منها الخمس.
وفي الحديث: الحث على التمسك بالقرآن، والتحريض على العمل به، والاعتصام به.
وفيه: تأكيد الوصاية بأهل البيت، والعناية بشأنهم، وإكرامهم.
وفيه: أن الكبر مظنة النسيان وضعف القوة الحافظة.