باب، بعث أبي موسى ومعاذ إلى اليمن قبل حجة الوداع
بطاقات دعوية
عن عمرو بن ميمون أن معاذا رضي الله عنه لما قدم اليمن صلى بهم الصبح , فقرأ: [{سورة النساء} , فلما قال]: {واتخذ الله إبراهيم خليلا}، فقال رجل من القوم: لقد قرت عين أم إبراهيم.
الخَليلُ هو المُحِبُّ؛ وسُمِّيَ خَليلًا لأنَّ مَحبَّتَه تَتخَلَّلُ القَلبَ، فلا تدَعُ فيه خَلَلًا إلَّا مَلأَتْه، ولَمَّا كان إبْراهيمُ عليه السَّلامُ مُحِبًّا للهِ، وكان مَحْبوبًا للهِ؛ اتَّخذَه اللهُ خَليلًا، وكان نَبيُّنا مُحمَّدٌ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَعرِفُ فَضْلَه وحَقَّه.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ التَّابِعيُّ عَمْرُو بنُ مَيمونٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه لمَّا ذهَبَ مُعاذُ بنُ جَبلٍ رَضيَ اللهُ عنه إلى اليَمَنِ، عندَما بعَثَه رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أميرًا على مِنطَقةٍ منها، وكان مُعاذٌ رَضيَ اللهُ عنه يُصلِّي بالنَّاسِ الصُّبحَ، وقَرأَ في الصَّلاةِ سُورةَ النِّساءِ، فلمَّا وصَلَ إلى قولِه تعالَى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} [النساء: 125]، قال رَجلٌ خَلفَه: «قَرَّتْ عَينُ أُمِّ إبْراهيمَ»، أي: برَدَتْ دَمعَتُها، كِنايةً عن حُصولِ السُّرورُ لها.
ولم يَرِدْ أنَّ مُعاذَ بنَ جبَلٍ رَضيَ اللهُ عنه قدْ أنكَرَ على الرَّجلِ، وأمَرَه بإعادةِ الصَّلاةِ؛ لأنَّه تكلَّمَ بكَلامٍ أجْنَبيٍّ عنِ الصَّلاةِ، والكَلامُ الأجْنَبيُّ مُبطِلٌ للصَّلاةِ. وأُجيبَ عن ذلك بأنَّه إمَّا كان الرَّجلُ جاهلًا بالحُكمِ فيُعذَرُ، وإمَّا أنْ يكونَ مُعاذٌ أمَرَه بالإعادةِ، ولم يُنقَلْ، أو كان الرَّجلُ القائلُ خَلْفَهم، ولكنْ لم يَدخُلِ الصَّلاةَ معَهم.